للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[أوامر ووصايا] :]

وزادت وطأة المرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعانى من برحائه ألما مضاعفا، حتى تأذّت فاطمة ابنته من شدّة ما يلقى، فقالت: وا كرب أبتاه!.

فقال: «لا كرب على أبيك بعد اليوم» «١» .

وترامت الأخبار إلى جيش أسامة، فشاع الحزن والاضطراب في صفوفه، عن محمد بن أسامة عن أبيه قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة، فدخلنا على رسول الله، وقد أصمت لا يتكلم، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها عليّ، فعرفت أنه يدعو لي «٢» .

وأغمي عليه مرة فلدّه أهله «٣» ، فلما أفاق كره ذلك منهم «٤» .

وكان إلى جواره قدح فيه ماء يغمس فيه يده ثم يمسح وجهه بالماء، ويقول: «اللهمّ أعنّي على سكرة الموت» «٥» .

وحين عجز النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بالناس استقدم أبا بكر ليؤمّهم.

فخشيت عائشة أن يكره النّاس أباها، ويتشاءمون من طلعته.

فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق، وإنه متى يقم مقامك لا يطيق.

فقال: «مروا أبا بكر فليصلّ بالناس» .

فكرّرت عائشة اعتراضها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:

«إنّكنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس» «٦» .

وصلّى أبو بكر بالناس سبع عشرة صلاة.

وهذه الأيام التي تخلّف فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يؤم المسلمين، كانت من


(١) صحيح، رواه البخاري: ٨/ ١٢١، وغيره عن أنس.
(٢) صحيح، رواه الترمذي: ٤/ ٣٥٠، وحسّنه؛ وابن هشام: ٢/ ٣٧٠.
(٣) لدّه: جعل الدواء في جانب فمه. (ن) .
(٤) صحيح، رواه البخاري: ٨/ ١٢٠، عن عائشة.
(٥) ضعيف، أخرجه الترمذي: ٢/ ١٢٨، وغيره من طريق موسى بن سرجس عن القاسم بن محمد عن عائشة، وقال: «حديث غريب» يعني ضعيف؛ لأنّ موسى هذا لم يوثقه أحد فهو مجهول.
(٦) صحيح، أخرجه البخاري: ٢/ ١٣٠؛ ومسلم: ٢/ ٢٠- ٢٤، عن عائشة.

<<  <   >  >>