للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الدنايا، وأن تخجله من البقاء عليها إن ألمّ بشيء منها.

فإذا كانت الصلاة- مع تكرارها- لا ترفع صاحبها إلى هذه الدرجة؛ فهي صلاة كاذبة.

«الصلاة طهور» «١» ، كما جاء في السنّة: إلا أنّها طهور للإنسان الحيّ، لا للجثة العفنة.

إنّ التطهير يزيل ما يعلق بالقلب الحيّ من غبار عارض، والأعراض التي تلحق المرء في الحياة فتصدئ قلبه كثيرة، ومطهّراتها أكثر!.

وفي الحديث: «فتنة الرّجل في أهله وماله وولده ونفسه وجاره، يكفّرها الصيام، والصّلاة، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» «٢» .

أمّا أصحاب القلوب الميتة فالصلاة لا تجديهم فتيلا.. ولن يزالوا كذلك حتى تحيا قلوبهم أو يواريها الثرى..

[[صور شتى لأجزية الصالحين والطالحين] :]

وقد رويت سنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في هذه الرحلة صورا شتى لأجزية الصالحين والطالحين، وتناقلت كتب السيرة رواية هذه الصور الجليلة على أنّها وقعت ليلة الإسراء والمعراج.

والحقّ أنّ ذلك كان رؤيا منام في ليلة أخرى من الليالي المعتادة، كما ثبت ذلك في الصحاح «٣» .


(١) لا أعرفه بهذا اللفظ، وكأن المؤلف ذكره بالمعنى، ومما جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كلّ يوم خمس مرات؟ هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» أخرجه البخاري: ٢/ ٩؛ ومسلم: ٢/ ١٣١- ١٣٢، من حديث أبي هريرة؛ ومسلم والبخاري في (أفعال العباد) ، ص ٩٤، من حديث جابر.
(٢) حديث صحيح، من رواية حذيفة بن اليمان، أخرجه البخاري: ٢/ ٦؛ ومسلم: ٧/ ١٧٢.
(٣) يشير إلى حديث سمرة بن جندب عند البخاري في أماكن من صحيحه؛ منها: (الجنائز) و (الرؤيا) ؛ وأحمد أيضا في المسند: ٥/ ١٤٠٨، ولكن هذا لا ينفي أن يكون صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الإسراء بعض الأجزية، بل هذا هو الواقع كما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «لما عرج بي ربي عز وجلّ مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم-

<<  <   >  >>