للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[بداية المعركة] :]

وتزاحف الجمعان، وبدأ الهجوم من قبل المشركين، إذ هجم الأسود بن عبد الأسد على الحوض الذي بناه المسلمون قائلا: أعاهد الله لأشربنّ من حوضهم أو لأهدمنّه، أو لأموتنّ دونه، فتصدّى له حمزة بن عبد المطلب، فضربه ضربة أطارت نصف ساقه، ومع ذلك حبا إلى الحوض يبغي اقتحامه، وتبعه حمزة يقاتله حتى قتله فيه!.

وبرز من المشركين عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج للقائهم فتية من الأنصار، فنادوا: يا محمد! أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، - وقيل: إنّ الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه هو الذي استرجع أولئك الأنصار رغبة منه أن تكون عشيرته أول من يواجه العدوّ في مثل هذا الموقف- فقال: «قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا عليّ» ، فبارز عبيدة عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز عليّ الوليد. فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وكذلك فعل علي مع خصمه، وأما عبيدة وعتبة فقد جرح كلاهما الاخر، فكرّ حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فأجهزا عليه، واحتملا صاحبهما «١» ، فجاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفرشه الرسول قدمه، فوضع خدّه على قدمه الشريف، وقال: يا رسول الله! لو راني أبو طالب لعلم أنّي أحقّ بقوله:

ونسلمه حتى نصرّع دونه ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ثم أسلم الروح «٢» ..

واستشاط الكفّار غضبا للبداية السيئة التي صادفتهم، فأمطروا المسلمين وابلا من سهامهم، ثم حمي الوطيس، وتهاوت السيوف، وتصايح المسلمون:


- عمر بن الخطاب، وبعضه في البخاري: ٧/ ٢٣١، من حديث ابن عباس.
(١) روى القصة إلى هنا ابن هشام: ٢/ ٦٧، عن ابن إسحاق بدون إسناد؛ ورواها أبو داود: ١/ ٤١٦، من حديث علي بدون قصة الأسود، وإسناده صحيح؛ وكذلك رواه أحمد، رقم (٩٤٨) .
(٢) وهذا القدر أورده ابن كثير: ٣/ ٢٧٤، وقال: رواه الشافعي، ولم يذكر عمّن؛ ورواه بنحوه الحاكم: ٣/ ١٨٨، من حديث ابن شهاب مرسلا، وليس فيه: «ثم أسلم الروح» ، ويدلّ على ضعف هذه الزيادة أنّ الحاكم روى من حديث ابن عباس أن عبيدة بن الحارث مات بالصّفراء منصرفه من بدر، فدفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هناك، وسنده حسن، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>