للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي طرد الأحزاب ودحر بني قريظة نزلت الايات: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) [الأحزاب] .

فقد المسلمون في هذا الصراع مع المشركين أولا، ومع أهل الكتاب ثانيا، عددا يسيرا من رجالهم منهم سعد بن معاذ؛ أجاب الله دعوته، فمات شهيدا من جراحته التي أصابته يوم الأحزاب، بعد أن شفى الله غيظه من يهود بني قريظة، وبعد أن تبين فشل قريش في هجومها على المدينة، وانقلابها لتغزى في عقر دارها، لا لتغزو الاخرين.

[[قتل أبي رافع بن أبي الحقيق] :]

ولم تنته الخصومة بين المسلمين واليهود بانهزام قريظة وانكسار شوكتها، فإنّ بعض مؤلبي الأحزاب على الإسلام فرّ إلى خيبر، لائذا بحصونها، مستظهرا بإخوانه فيها، مثل أبي رافع بن أبي الحقيق، وهو شريك حييّ في التطواف بالقبائل يستجلبها إلى يثرب، بغية الإتيان على الإسلام وأهله، وليس يؤمن لليهود شرّ ما بقيت لهم قدرة على فعله، وقد صوّر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم نقمة اليهود على الإسلام بقوله: «ما خلا يهودي بمسلم إلا همّ بقتله» «١» ، ولا نعرف لهذه النقمة الدفينة علّة إلّا انحراف أصحابها عن الجادة، ومن حق المسلمين أن يحذروها، وألايدعوا لها بقية تنمو على الزمن.

لذلك خرج من المدينة خمسة من الخزرج ذاهبين إلى خيبر، بغيتهم القضاء على أبي رافع، وإلقاء الذعر في قلوب شيعته، وقد أمّر الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم عبد الله بن عتيك، ونهاهم أن يقتلوا وليدا أو امرأة ... «٢» .

وقدم المغامرون أرض خيبر، وانتهوا إلى دار ابن أبي الحقيق وقد أظلّهم المساء. قال عبد الله بن عتيك لصحبه- عند ما دنوا من الحصن-: امكثوا أنتم


(١) حديث ضعيف، أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) : ٨/ ٣١٦، وقال: «حديث غريب جدا» .
(٢) حديث صحيح، أخرجه البخاري عن البراء بن عازب.

<<  <   >  >>