للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عمرة القضاء]

أوشكت السنة السابعة أن تنقضي، وحقّ للمسلمين أن يعودوا إلى مكة ليؤدّوا مناسك العمرة، التي حرموا من أدائها قبلا، لقد تأخّروا عاما وهم كارهون، لكنّ مكاسبهم للدعوة في هذه الفترة أربت على الأماني، وها هم أولاء يسوقون الهدي إلى الحرم مرة أخرى، ويجرّون وراءهم أذيال نصر عريض.

وأحبّ أهل مكة أن يعزّوا أنفسهم وهم يجلون عنها- وفق الاتفاق المبرم- ليدخلها النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته معتمرين، فأشاعوا أن المسلمين يعانون عسرة وجهدا.

قال ابن عباس: صفّوا له عند (دار الندوة) لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه، وأخرج عضده اليمنى ثم قال:

«رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوّة» «١» ، ثم استلم الركن وأخذ يهرول، ويهرول أصحابه معه حتى واراه البيت عنهم.

والتّطواف بهذه السرعة إظهار لبأس المسلمين، وتكذيب لإشاعات الضعف، وقد مضت السّنّة به بعد ذلك.


(١) ضعيف، رواه ابن هشام: ٢/ ٣٥٤، عن ابن إسحاق: حدثني من لا أتّهم عن ابن عباس مرفوعا؛ ورواه ابن جرير: ٢/ ٣٠٩، عن ابن إسحاق، فقال: عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس؛ فإن صحّت هذه الرواية فهي نقل عن الطريق الأولى؛ لأنّ الحسن بن عمارة متهم بالوضع، وإن لم يصح ففي الطريق الأولى من لم يسم. ويغني عنه ما في المسند، رقم (٣٥٣٦) عن ابن عباس: أن قريشا قالت: إنّ محمدا وأصحابه قد وهنتهم حمى يثرب، فلمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعامه الذي اعتمر فيه قال لأصحابه: «ارملوا بالبيت، ليرى المشركون قوّتكم» فلما رملوا قالت قريش: ما وهنتهم، وسنده صحيح، علّقه البخاري: ٨/ ٤١١.

<<  <   >  >>