للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعوب، فلا يحظون بساعة راحة إلا ليستجموا قليلا، ثم ينهضوا لاستئناف اللغوب! فكيف بصاحب الرسالة العظمى؟ ولقد لقي من العرب ما رأيت! ونسأل أيضا: ما مكان المتعة في حياة رجل عزف عنها وهو شاب، فكيف يغرق فيها وهو شيخ؟!.

إنّ الظروف التي أحاطت بالزوجات الخمس الاخرى، تجعل البناء بهن بعض ما كلف الرسول صلى الله عليه وسلم بتجشمه من سياسة الأفراد والجماعات، وبعض ما كلف بتحقيقه من إقامة الخير ومحو الضر.

[[زواجه بالسيدة زينب رضي الله عنها] :]

خذ مثلا زواجه بزينب بنت جحش رضي الله عنها، كان هذا الزواج امتحانا قاسيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره الله به لإبطال تقليد شائع عند العرب، وأقدم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو شديد التحرج والحياء والأذى.

وزينب هذه من قريبات الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو يعرفها حق المعرفة من طفولتها، وقد رغب في أن يزوجها من زيد بن حارثة، فكرهت ذلك ورفض أخوها اعتزازا بما لأسرة زينب من مكانة، فهي في ذؤابة الشرف، وما زيد؟! إنه كان عبدا، ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكرمه فيما بعد وألحقه بنسبه فصار يدعى زيد بن محمد!!.

إلا أن زينب لم تجد بدّا من الانصياع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أراد أن يحطّم الاعتزاز بالأنساب، وأن ينكح زيدا زينب! فرضيت وفي نفسها غضاضة، وقبل أخوها وهو يؤدي حق السمع والطاعة فحسب، بعد ما نزل قوله تعالى:

وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً (٣٦) [الأحزاب] .

ودخل زيد بزينب، فوجد امرأة مصروفة الفؤاد عنه، تسلّمه جسدها وتحرمه العطف والتقدير، فثارت رجولته، وقرر ألا يبقى معها، وتدخّل النبي صلى الله عليه وسلم بين الحين والحين لإصلاح ذات البين دون جدوى.

في هذه الحال أوحى الله لنبيّه أن يدع زيدا يطلّق زوجته، وأن يتزوجها هو بعد انتهائها منه.

فاعترى الرسول صلى الله عليه وسلم همّ مقلق لهذا الأمر الغريب، وساوره التوجّس من

<<  <   >  >>