للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[ثالثا] : غير المسلمين:]

أما الأمر الثالث- وهو صلة الأمّة بالأجانب عنها الذين لا يدينون بدينها- فإنّ الرسول عليه الصلاة والسلام قد سنّ في ذلك قوانين السماح والتجاوز، التي لم تعهد في عالم مليء بالتعصّب والتغالي، والذي يظنّ أنّ الإسلام دين لا يقبل جوار دين اخر، وأنّ المسلمين قوم لا يستريحون إلا إذا انفردوا في العالم بالبقاء والتسلّط هو رجل مخطئ بل متحامل جريء!.

عند ما جاء النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وجد بها يهودا توطّنوا، ومشركين مستقرين.

فلم يتّجه فكره إلى رسم سياسة للإبعاد أو المصادرة والخصام، بل قبل- عن طيب خاطر- وجود اليهود والوثنية، وعرض على الفريقين أن يعاهداهم معاهدة الند للند، على أن لهم دينهم وله دينه.

ونحن نقتطف فقرات من نصوص المعاهدة، التي أبرمها مع اليهود دليلا على اتجاه الإسلام في هذا الشأن.

جاء في هذه المعاهدة: «أنّ المسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة.

وأنّ المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظلم «١» ، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم!!.


- أصحابك، ولم تواخ بيني وبين أحد؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت أخي في الدنيا والاخرة» . وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» ، وتعقّبه الشارح المباركفوري بقوله: «حكيم بن جبير ضعيف مرميّ بالتشيّع» . قلت: ذهل هو والترمذيّ عن علته الحقيقية وهي: «جميع بن عمير» هذا، قال الذهبي عنه في الميزان: «قال ابن حبّان: رافضي يضع الحديث، وقال ابن نمير: كان من أكذب الناس» ، ثم ساق له الذهبيّ هذا الحديث، وقد رواه عنه أيضا سالم بن أبي حنيفة الكاهلي أخرجه الحاكم متابعة لحكيم بن جبير، فتعقّبه الذهبيّ في (التلخيص) بقوله: «قلت: جميع اتهم، والكاهليّ هالك» . قلت: كذّبه ابن أبي شيبة وموسى بن هارون. وقال الدارقطني: «هو في عداد من يضع الحديث» ومن شاء الاطلاع على بقية الأحاديث وعللها فليراجع: المجمع: ٩/ ١١١؛ واللالئ المصنوعة: ١/ ١٦٩، ١٩٤، ٢٠١.
(١) دسيعة ظلم: محض ظلم.

<<  <   >  >>