للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعند ما يجيء دور التشريع في إصلاح مجتمعنا وإقامة عوجه- من هذه الناحية- فلتتجه همة الباحثين إلى ضبط وسائل العدل ومظاهره إن أرادوا.

أما الخبط في مبدأ التعدد نفسه، ومحاولة النيل منه فهو عبث.

وأستطيع القول: بأنّه أثر من اثار الغزو الصليبي الحديث لبلاد الإسلام.

فإنّ النصرانية- دون سائر الأديان من عهد نوح- انفردت بتحريم «١» التعدد، وحبس الرجل- مهما كان شأنه- على امرأة واحدة، وترك المجتمع بعد ذلك يعالج كثرة النساء، وهياج الغرائز بوسائله الاخرى.

وفي طبقات كثيرة الان ينظر إلى التعدد على أنه منكر! وإلى الزنى على أنه مسلاة تافهة! أي أنّ المشكلة الان مشكلة الدين كله والأخلاق كلها.

وتقييد التعدد- والحالة هذه- محاولة سمجة؛ لتلويث المجتمع على حساب الإسلام وباسم القانون.

إنّ جمهورا كبيرا من النبيين والصالحين تزوّج بواحدة وبأكثر من واحدة، ولم يخدش ذلك تقواه، وفي صحف العهد القديم الموجودة الان ما يؤيد ذلك.

والإسلام لا يرى التبتّل عن النساء عبادة- كما يفعل الرهبان- ولا الزواج إلى أربع معصية كما ينسب إلى النصرانية.

إنّما المعصية ترك الغريزة الجنسية تتنزّى كيف تشاء، أو في كبتها لتتسرّب وراء وراء، كما تتسرّب المياه الجوفية تحت أديم الغبراء.

[[زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة خديجة] :]

والمحفوظ من سيرة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم أنه تزوج بالسيدة خديجة وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في سن الأربعين، وظلّ معها واحدها لا يضمّ إليها أخرى، حتى تجاوزت السيدة الفضلى الخامسة والستين.

وماتت وهو- صلوات الله وسلامه عليه- فوق الخمسين.

ولم يجرؤ أحد من أشدّ خصومه لددا أن ينسب إليه دنسا، أو يتهمه بريبة.


(١) نحن نعتقد أن التعدد هو حكم الله في الأديان كلها- ومن بينها النصرانية-، ولا نقيم وزنا لما عداه من قوانين وضعية.

<<  <   >  >>