رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، فإنّ هذه الحمية للحق ضدّ أي ظالم مهما عزّ، ومع أي مظلوم مهما هان؛ هي روح الإسلام الامر بالمعروف، الناهي عن المنكر، الواقف عند حدود الله. ووظيفة الإسلام أن يحارب البغي في سياسات الأمم، وفي صلات الأفراد على سواء..
وقيل في سبب الحلف: إن رجلا من (زبيد) أتى بتجارة إلى مكة، فاشتراها العاصي بن وائل السهمي، ثم حبس حقّها وأبى أن يدفعه! فاستعدى عليه قبائل قريش والأحلاف، فلم يكترثوا له، فوقف الغريب المظلوم عند الكعبة وأنشد:
يا ال فهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنّفر!
ومحرم أشعث لم يقض عمرته ... يا للرجال- وبين الحجر والحجر!
إنّ الحرام لمن تمّت كرامته ... ولا حرام بثوب الفاجر الغدر
فقام الزبير بن عبد المطلب، وقال: ما لهذا مترك! فاجتمع الذين ذكرهم ابن الأثير انفا، وذهبوا إلى العاصي بن وائل، واستخلصوا منه حقّ الزبيدي.
بعد ما أبرموا حلف الفضول.
ويظهر أن العاصي هذا رجل مماطل سمج، فهو صاحب القصة كذلك مع خبّاب بن الأرت، وكان خباب قينا، فصنع سيفا للعاصي، وأتاه لينقده ثمنه، فقال العاصي: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقال له خبّاب: لا أكفر حتى يميتك الله، ثم تبعث. فقال العاصي: وإني لميّت ثم مبعوث؟! قال: بلى، قال:
وأمثال العاصي هذا في ميدان التجارة والسياسة كثير، ومحمد صلى الله عليه وسلم أولى الناس بخصومتهم، وأولى الناس بمحمد صلى الله عليه وسلم من أعان عليهم، وواثق على حربهم.