للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بدّ أنّ أخبار ثقيف قد سبقته إلى قريش، ومن ثمّ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يدخل مكة حتى يستوثق لنفسه ودعوته، فبعث إلى (المطعم بن عدي) يعرض عليه أن يجيره حتّى يبلّغ رسالة ربّه! فقبل (المطعم) واستنهض أبناءه، فحملوا أسلحتهم، ووقفوا عند أركان البيت الحرام، وتسنّم المطعم ناقته، ثم نادى: يا معشر قريش! قد أجرت محمدا، فلا يهجه أحد منكم! فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة صلّى ركعتين، ثم انصرف إلى بيته، ومطعم وأهله يحرسونه بأسلحتهم «١» ....

وقيل: إنّ أبا جهل سأل مطعما: أمجير أم متابع- مسلم-؟ قال: بل مجير، قال: قد أجرنا من أجرت ... !.

وحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم للمطعم هذا الصنيع، فقال يوم أسرى بدر: لو كان المطعم حيّا لتركت له هؤلاء النّتنى.

كان المطعم- كأبي طالب- على دين أجداده، وكان كذلك مثله في المروءة والنجدة، وقد أراد أبو جهل أن يتهكّم بنبيّ يحتاج إلى جوار، وكأنّه يتساءل: لم لم تنزل كوكبة من الملائكة لحفظه؟!.

ولذلك قال- لما راه-: هذا نبيّكم يا بني عبد مناف؟!.

فرد عليه عتبة بن ربيعة: وما ينكر أن يكون منا نبي وملك؟!.

فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال أبي جهل وردّ عتبة قال:

«أما أنت يا عتبة فما حميت لله، وإنّما حميت لنفسك- وذلك أنه قالها عصبية لا إيمانا-.

وأما أنت يا أبا جهل، فو الله لا يأتي عليك غير بعيد حتى تضحك قليلا وتبكي كثيرا.

وأما أنتم يا معشر قريش، فو الله لا يأتي عليكم غير كثير، حتى تدخلوا فيما تنكرون» «٢» .


(١) لم أجد له سندا وقد ذكره بنحوه ابن جرير: ٢/ ٨٢- ٨٣، بدون سند، بقوله: «وذكر بعضهم ... » ولعلّ هذا البعض هو الأموي في مغازيه فقد عزاه إليه الحافظ ابن كثير: ٣/ ١٣٧، بدون سند أيضا.
(٢) ابن جرير: ٢/ ٨٢- ٨٣، بدون سند كما تقدم في تخريج الحديث السابق.

<<  <   >  >>