(٢) أقول: إذا جاز هذا على العرب في جاهليتهم؛ أفيجوز ذلك عليهم في إسلامهم، وقد نوّر الله به قلوبهم أن تتدنّس بشيء من الأوهام؟ أيجوز أن يقال في حقّ أسماء: إنّها أطلقت اسم (الجن) بل (الشيطان) على (المؤمن) ؟ وما هي الضرورة التي تلجئ حضرة المؤلف إلى هذه التأويلات البعيدة، بل الباطلة؟! ألا ترى في الرواية- كما ذكرنا- أنّ الجني كان الناس يتبعونه، يسمعون صوته، وما يرونه؟! أفهذا من صفات الإنسي؟! خير للمؤلف أن يعرض عن ذكر هذه الرواية مطلقا- ولا سيما وهي ضعيفة- من أن يتأوّلها هذا التأويل المستنكر، ثم وجدت الحديث موصولا أخرجه الحاكم: ٣/ ٩- ١٠، من حديث هشام بن حبيش، وقال: «صحيح الإسناد» ووافقه الذهبي، وفيما قالاه نظر، وقال الهيثمي (٦/ ٥٨) : «رواه الطبراني، وفي إسناده جماعة لم أعرفهم» لكن للحديث طريقين اخرين، أوردهما الحافظ ابن كثير في (البداية: ٣/ ١٩٢- ١٩٤) : فالحديث بهذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن، والله أعلم.