قال أبو بكر: يا عمر! الزم غرزه- أمره- فإنّي أشهد أنّه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله!.
ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألست برسول الله! قال: «بلى» . قال: أولسنا بالمسلمين! قال: «بلى» . قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال:«بلى» . قال: فعلام نعطي الدنيّة في ديننا؟!.
قال:«أنا عبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيّعني»«١» .
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب، فقال:«اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم» . فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اكتب باسمك اللهمّ» ، فكتبها، ثم قال:«اكتب: هذا ما صالح عليه محمّد رسول الله سهيل بن عمرو» . فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اكتب: هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو» :
اصطلحا على وضع الحرب عن النّاس عشر سنين، يأمن فيها النّاس، ويكفّ بعضهم عن بعض، على أنه من أتى محمّدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم، ومن جاء قريشا ممّن مع محمّد لم يردوه عليه!.
وإنّ بيننا عيبة مكفوفة- صدورا منطوية على ما فيها من خير- وأنّه لا إسلال ولا إغلال- لا سرقة ولا خيانة- وأنّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه، ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهداهم دخل فيه.
وأنّك ترجع عنّا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنّه إذا كان عام قابل خرجنا عنك، فدخلتها بأصحابك، فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها.
فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب، إذ جاء ابن المفاوض عن قريش نفسه! ..
جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يريد الالتحاق بالمسلمين، فقد دخل في دين الله، ولقي العذاب من أهله، وها هو ذا يرسف في الحديد، وتثقل به قيوده.
(١) حديث صحيح، وهو من تمام قصة الحديبية، والزهريّ أحد رجال إسناده، وليس من مرسلاته، خلافا لما يبدو من السياق. وقد رواه موصولا أحمد من طريق ابن إسحاق. وهو عند البخاري وأحمد من طريق أخرى بنحوه.