للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستنقعات، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أخبره أنّ اليهود لن يبالوا هذا الحصار، فإنّ لهم مشارب خفية يخرجون إليها ليلا، فيستقون ويعودون، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقطع مشاربهم «١» ؛ ليكرههم على القتال أو التسليم، فخرجوا واشتبكوا مع المسلمين في صراع شديد، استشهد فيه عدد من المسلمين بعد أن مهدوا الطريق لسقوط الحصن، ويسمى حصن (الزبير) وهو نهاية سلسلة من القلاع تسمى (النطاة) ، استولى المسلمون عليها جميعا بعد ما دخلوا حصون (ناعم) ، و (الصعب) ، و (الوطيح) ، و (السلالم) .

وبقيت هناك سلسلة أخرى تهيأ المسلمون لمهاجمتها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على قلعة يقال لها: (سموان) ، فقاتل عليها أشدّ القتال، وخرج منها رجل يسمى (عزولا) ، يبغي المبارزة، فهجم عليه (الحباب بن المنذر) فضربه بالسيف ضربة أطاحت يده اليمنى بنصف ذراعه، ثم وقع السيف من يده، وفرّ اليهودي راجعا، فأدركه الحباب فقطع عرقوبه.

وبرز اخر، فقام إليه رجل من المسلمين، فقتله اليهودي، فلحق به (أبو دجانة) فقتله وثأر لصاحبه، ثم كبّر المسلمون وتحاملوا على الحصن، وأمامهم (أبو دجانة) ، فاقتحموه بعد لأي، ووجدوا به أثاثا وطعاما وغنما ومتاعا.

وأفلت بعض المحصورين، فانضموا إلى إخوانهم بحصن (البزاة) وزحف المسلمون إليهم، وتراشق الفريقان بالنبل، فأصيب بنان النبيّ صلى الله عليه وسلم في المعركة، ولكن المسلمين استبسلوا في الكرّ على العدوّ، حتى افتتحوا هذا الحصن الاخر، وأخذوا من فيه باليد. ثم همّ المسلمون بنصب المنجنيقات، ليهدموا الحصون الباقية على من اعتصم فيها، فأيقن اليهود بالهلكة، ولم يروا محيصا من الاستسلام، فنزل ابن أبي الحقيق، وعرض الصلح على أن يجلوا من أرض خيبر، ولهم ما حملت ركابهم، وللمسلمين سائر ما بقي، فقبل الصلح، واشترط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمّة لهم ولا عهد «٢» ، فلما ثبت على بعضهم الغدر بما تمت عليه شروط الصلح قتل.

وخضعت سائر يهود، ثم جاءت تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم


(١) لا يصحّ، رواه الواقدي معضلا كما في (البداية) : ٤/ ١٩٨؛ والواقدي متروك.
(٢) حديث صحيح، أخرجه البيهقي في سننه: ٩/ ١٣٧، عن ابن عمر بسند صحيح، وكذلك رواه أبو داود: ٢/ ٣٨.

<<  <   >  >>