للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومي ما لم يخف عليك، فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيّا فسيخبر، فتجاوز عنها النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم مات (بشر) بعد ما سرى السّم في جسمه «١» ، فقيل: اقتصّ له منها، وقيل: بل أسلمت وعفا عنها.

ومكث يهود خيبر يزرعون الأرض على النصف من نتاجها، إلا أنّ بغضاءهم للمسلمين حملتهم على اقتراف بعض الجرائم، فقد اغتيل رجل من الأنصار، وفدعت يدا عبد الله بن عمر أيام خلافة أبيه، فخطب عمر الناس قائلا: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد عامل يهود خيبر على أن نخرجهم إذا شئنا، وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما قد بلغكم، مع عدوهم على الأنصاري قبله، لا نشكّ أنهم أصحابه، ليس لنا هناك عدوّ غيرهم.. فمن كان له مال بخيبر فليلحق به، فإنّي مخرج يهود، فأخرجهم «٢» .

ولا ريب أنّ الهزيمة التي أصابت بني إسرائيل في خيبر، قضت على كيانهم العسكري في الجزيرة قضاء تاما، فجاء يهود (فدك) يطلبون الأمان.

وقاتل يهود وادي القرى بعد ما دعوا إلى الإسلام، وأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم على الله «٣» ، فلما أبوا نشبت بين الفريقين معركة محدودة، انتهت مع الصباح بسقوط الوادي اليهودي عنوة.

واستسلم يهود تيماء.


(١) حديث صحيح، رواه هكذا ابن هشام: ٢/ ٢٤٠- ٢٤١، عن ابن إسحاق بدون إسناد؛ وقد رواه البخاري: ٥/ ١٧٦؛ ومسلم: ٧/ ١٤- ١٥، من حديث أنس: أن يهودية أتت النبيّ صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها فقيل: ألا تقتلها؟ قال: لا. والبخاري: ٧/ ٢٠٨، ١٠/ ٢٠٠- ٢٠١، وغيره من حديث أبي هريرة نحوه، وفيه إقرار اليهود بوضع السم في الشاة، وقولهم: «أردنا إن كنت كاذبا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرّك» . ومثله عند أحمد رقم (٢٧٨٥) من حديث ابن عباس وسنده حسن، كما قال ابن كثير: ٤/ ١٠٩؛ وعزاه الحافظ: ١٠/ ٢٠٢، لابن سعد بسند صحيح؛ ومثله عند أبي داود: ٢/ ٢٤٦؛ والدارمي: ١/ ٣٣، عن جابر، وهو منقطع، لكن يقوّيه مرسل أبي سلمة عندهما. وفي حديثهما إخبار الذراع إياه، بأنّ الشاة مسمومة، وفي الثاني منهما موت بشر مسموما، وقد وصله الحاكم وصحّحه عن أبي هريرة، وسنده حسن، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قتلها.
(٢) حديث صحيح، أخرجه الشيخان عن ابن عمر، وقد تقدم قريبا.
(٣) رواه الواقدي بدون سند، كما في (البداية) : ٤/ ٢١٨.

<<  <   >  >>