للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ الكلب العقور لا يترك طليقا، فإذا أفلت من قيده فأهدر دمه، فمن السّفه اعتبار ما حدث جريمة قتل.

والذين يظنون أو يحلو لهم الظنّ بأنّ الإسلام عند ما طارد الوثنية خنق حريّة الرأي هم أشخاص واهمون أو مغرضون.

وعلى هدى التجارب والمصائب التي عاناها المسلمون طوال اثنين وعشرين عاما تعرف سرّ الغضب الذي اشتغل اخر الأمر، ولم نزل الوحي يعالن المشركين بالقطيعة، ويرفض منهم كلّ اعتذار؟ ثم يسرد ما أسلفوا من سيئات على أنه خليقة فيهم لم ينفكوا عنها يوما، ولا يرجى أن ينفكوا عنها أبدا.

ومن ثمّ فلا مكان لأصنامهم بعد المهلة المضروبة لهم:

بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ (٢) وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣) [التوبة] .

ومن قبل هذا النذير المخوف ومن بعده كانت أفواج الوافدين تنطلق صوب المدينة تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن تخلع رداء الجاهلية، وتدخل في الدين الحق.

وهذه الوفود المقبلة، عرفت- خلال السنين السابقة- طرفا يسيرا عن الإسلام.

فقد شاع في أرجاء الجزيرة كلّها نبأ الرسالة الجديدة، وما تضمنته من عقائد، وما تفرضه على أتباعها من تعاليم.

وتتبع المحبون والمبغضون كفاحها الموصول في طلب الحياة، ومبلغ ما بذلت وبذل أعداؤها حتى انتهت الأمور بهذا الختام المبين.

ونحن نعلم أنّ الحزب الذي يبدأ نشاطه بأنصار قلائل يتضاعف الإقبال عليه عند ما تلمع له وقفات مشرفة، ويتاح له نصر كبير.

فكيف إذا اختفى خصومه وتألّقت نجومه؟.

<<  <   >  >>