للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي، يسمع عند وجهه دويّ كدوي النحل» «١» .

وكان أحيانا يأتي في مثل صلصة الجرس- وكان أشدّه عليه- فيلتبس به الملك، حتى إنّ جبينه ليتفصّد عرقا في اليوم الشديد البرد «٢» ، وحتى إنّ راحلته لتبرك به على الأرض إذا كان راكبها «٣» ، ولقد جاءه الوحي مرة كذلك وفخذه إلى فخذ زيد بن ثابت، فثقلت عليه حتى كادت ترضّها «٤» ، وقد يأتي أيسر من ذلك وأخفّ.

وربما قيل: لماذا كانت أوائل الوحي بهذه المثابة من الشدة؟ ولماذا لم يبدأ نزول القران إلهاما في منام، أو إلهاما في يقظة على نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب ... » «٥» ؟ أو ليس هذا أبعد عن دواعي الفزع والإعياء؟.


(١) حديث ضعيف أخرجه الترمذي: ٢/ ١٥١- ١٥٢، وذكر أن في سنده اختلافا. ومداره على يونس بن سليم، رواه عنه عبد الرزاق، ويونس هذا مجهول، ومن طريقه أخرجه أحمد، رقم (٢٢٣) ؛ والحاكم: ١/ ٥٣٥ و ٢/ ٣٩٢؛ والنسائي «كما نقلوا عنه، وقال: هذا حديث منكر لا نعلم أحدا رواه غير يونس، ويونس لا نعرفه» ، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» وهذا من تساهله، وأما الذهبي فتناقض، فإنه في الموضع الأول وافق الحاكم على تصحيحه، واغترّ بذلك الشيخ أحمد شاكر، وأما في الموضع الاخر فقد تعقّبه بقوله: قلت: «سئل عبد الرزاق عن شيخه ذا، فقال: أظنه لا شيء» ، وفي (الميزان) أقرّ النسائي على قوله: «هذا حديث منكر» ، وتوثيق ابن حبان لابن سليم هذا، مما لا يعتدّ به، لا سيما وتلميذه عبد الرزاق أدرى به من ابن حبان.
(٢) روى معنى هذا البخاري: ١/ ١٤- ١٧، من حديث عائشة.
(٣) أخرج معناه أحمد والحاكم: ٢/ ٥٠٥، من حديث عائشة، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد» ، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وله شاهد من حديث أسماء بنت يزيد عند أحمد: ٦/ ٤٥٥- ٤٥٨؛ واخر عنده، رقم (٦٦٤٣) من حديث ابن عمرو.
(٤) أخرجه البخاري: ٥/ ١٨٢، من حديث زيد بن ثابت.
(٥) حديث صحيح جاء من طرق: الأول: عن ابن مسعود، أخرجه الحاكم (٢/ ٤) . الثاني: عن أبي أمامة، أخرجه الطبراني في الكبير؛ وأبو نعيم في (حلية الأولياء) : ١٠/ ٢٨. الثالث: عن حذيفة، أخرجه البزار كما في (الترغيب) : ٣/ ٧؛ والهيثمي في (مجمع الزوائد) : ٤/ ٧١. -

<<  <   >  >>