للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

الشرط الثالث: العقل

فيشترط في المطلق أن يكون المطلق عاقلًا ونص على اشتراط العقل الأحناف (١) والمالكية (٢) والشافعية (٣) والحنابلة (٤) وهو محل إجماع ويأتي.

الدليل الأول: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ» (٥).

وجه الاستدلال: لم يترتب أثر على مقولته الكفرية لعارض أصاب عقله بسبب الفرح فدل ذلك على اشتراط العقل للاعتداد بالأقوال.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال «قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِي الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لِمَ فَعَلْتَ قَالَ مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ لَهُ» (٦).

وجه الاستدلال: كالذي قبله.


(١) انظر: فتح القدير (٣/ ٣٢٦)، وتبيين الحقائق (٣/ ٣٤)، والبحر الرائق (٤/ ٤٢٦)، ومجمع الأنهر (٢/ ٩)، وحاشية ابن عابدين (٤/ ٤٣٨).
(٢) انظر: التفريع (٢/ ٦)، ومختصر ابن الحاجب ص: (١٦٧)، والقوانين الفقهية ص: (١٧١)، والشرح الصغير (٢/ ٣٥١)، وشرح خليل للخرشي (٤/ ٤١٥، ٤٤٢).
(٣) انظر: روضة الطالبين (٨/ ٢٢)، ومنهاج الطالبين ص: (١٣٥)، وأسنى المطالب (٣/ ٢٦٩)، وتحفة المحتاج (٣/ ٣٤٤)، ومغني المحتاج (٣/ ٣٤٠)، ونهاية المحتاج (٦/ ٤٢٤).
(٤) انظر: عمدة الفقه ص: (٨٥)، والمبدع (٧/ ٢٥٠)، ومعونة أولي النهى (٩/ ٣٤٣)، وكشاف القناع (٥/ ٢٣٣).
(٥) رواه مسلم (٢٧٤٧).
(٦) رواه البخاري (٧٥٠٦)، ومسلم (٢٧٥٦).

<<  <   >  >>