للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• حكم ما استجد من المسكرات (المخدرات):

في زمن التنزيل كانت الخمر هي المعروفة وفيها وردت النصوص الشرعية ثم بعد ذلك استجدت أشياء ولا زالت تستجد تتعاطى عن طريق الفم أو عن طريق الأنف أو تدخل الجسم بالحقن وهذه الأشياء حكمها حكم الخمر:

الدليل الأول: عن نافع عن ابن عمر قال ولا أعلمه إلا عن النبي : «قال كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (١).

الدليل الثاني: عن ابن عمر قال سمعت عمر على منبر النبي يقول: «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ: العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ» (٢).

وجه الاستدلال: اسم الخمر يتناولها فهي خمر شرعًا وإن كان في عرف الناس لا تسمى خمرًا فكل شيء من المسكرات يستر العقل ويتعاطى طلبًا للذته المسكرة يسمى خمرًا حقيقة (٣) فالعبرة بأثرها لا بتسميتها فالبعض في زماننا يسمى الخمر المشروبات الروحية ولا تغير التسمية الحكم الشرعي.

الرد: اختلف في سبب تسميتها خمرًا فقيل سميت خمرًا لأنَّها تخامر العقل أي تستره كخمار المرأة وقيل لأنَّها تخامر العقل أي تخالطه كقولهم خامره الداء أي خالطه وقيل لأنَّها تركت حتى اختمرت واختمارها تغير رائحتها وقيل لأنَّها تُخَمَّر حتى تدرك كما يقال خمرت العجين فتخمر أي تركته حتى أدرك وقيل لأنَّها تغطى حتى تغلي (٤).

الجواب: لا مانع من اجتماع هذه الأسباب في تسميتها خمرًا وبعض هذه المعاني


(١) رواه مسلم (٢٠٠٣).
قال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ٢٩٥): هذا الحديث موقوف في الموطأ على ابن عمر لم يختلف فيه الرواة عن مالك إلا عبد الملك بن الماجشون فإنَّه رواه عن نافع عن ابن عمر عن النبي أنَّه قال … فرفعه وقد روي مرفوعًا من حديث نافع من نقل الثقات الحفاظ الأثبات ولا يقال مثله من جهة الرأي وما أعلم أحدًا من أصحاب نافع أوقفه غير مالك والله أعلم.
(٢) رواه البخاري (٤٦١٩)، ومسلم (٣٠٣٢).
(٣) انظر: فتح الباري (١٠/ ٤٧)، وطرح التثريب (٨/ ٤١).
(٤) انظر: التمهيد (١/ ٢٤٤)، وفتح الباري (١٠/ ٤٧٤٨).

<<  <   >  >>