للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع الطلاق في النفس]

تحرير محل النزاع: إذا أجرى الطلاق في قلبه نيةً من غير تلفظ فيقول في قلبه: أنت طالق ونحو ذلك من غير أن يحرك لسانه بالطلاق فهذا محل الخلاف.

قال القرافي: إذا أنشأ الطلاق بقلبه بكلامه النفساني ولم يلفظ به بلسانه فهو موضع الخلاف (١).

فلأهل العلم في الطلاق في النفس من غير تلفظ به قولان قول بوقوع الطلاق وقول بعدم وقوعه:

• القول الأول: إذا طلق في نفسه وقع الطلاق:

وهو رواية في مذهب الإمام مالك (٢) وينسب للزهري (٣) وابن سيرين (٤).

الدليل الأول: عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ : «قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا» قَالَ: فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ» ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا﴾ قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ» ﴿وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ» (٥).

وجه الاستدلال: المحاسبة على ما في القلوب دليل على اعتبار ما في القلب.


(١) الفروق (١/ ٥٢).
(٢) انظر: المعونة (١/ ٥٧٣)، والإشراف على مسائل الخلاف (٢/ ٧٤٦)، والتفريع (٢/ ١٢)، والمقدمات (١/ ٢٦٢)، والفروق للقرافي (١/ ٥٢)، ومختصر ابن الحاجب ص: (١٧١)، والبيان والتحصيل (٦/ ٢٦٩).
(٣) انظر: المحلى (١٠/ ١٩٩)، وفتح الباري (٩/ ٣٩٤)، ولم أقف عليه مسندًا.
(٤) انظر: الحاوي الكبير (١٠/ ١٥٠)، ولم أقف عليه مسندًا.
(٥) رواه مسلم (١٢٦).

<<  <   >  >>