للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متداخلة لأنَّها تركت حتى غلت فأسكرت وهي مخالطة للعقل وربما غلبت عليه وغطته (١) وهذه المعاني موجود فيما استجد من المسكرات التي تتعاطى طلبًا للذة.

الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ﴾ [المائدة: ٩١].

وجه الاستدلال: الحكمة من تحريم الخمر كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وجميع المسكرات المستجدة كذلك فيطرد الحكم في الجميع فتعطى حكم الخمر (٢).

الدليل الرابع: عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أنَّ النبي بعثه إلى اليمن فسأله عن أشربة تصنع بها فَقَالَ وَمَا هِيَ؟ قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ - فقلت [القائل سعيد بن أبي بردة] لأبي بردة ما البتع قال نبيذ العسل والمزر نبيذ الشعير - فقال كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» (٣).

وفي حديث ابن عمر السابق: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ».

وجه الاستدلال: لم يعتبر النبي مصدر الخمر ومن أي شيء اتخذت إنَّما ربط الحكم بعلة وهي الإسكار وهي التي يعبر عنها الفقهاء بالشدة المطربة والمسكرة فيلحق بالخمر كل المسكرات التي تتعاطى طلبا للذة المسكرة (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قول النبي «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» يتناول ما يسكر ولا فرق بين أن يكون المسكر مأكولًا أو مشروبًا أو جامدًا أو مائعًا … ونبينا بعث بجوامع الكلم فإذا قال كلمة جامعة كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها سواء كانت الأعيان موجودة في زمانه أو مكانه أو لم تكن (٥). وأهل


(١) انظر: التمهيد (١/ ٢٤٣٢٤٤)، وفتح الباري (١٠/ ٤٨).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٦/ ٤٤١)، وشرح مسلم للنووي (١٣/ ٢١٤)، والزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٢١٦).
(٣) رواه البخاري (٤٣٤٣)، ومسلم (١٧٣٣).
(٤) انظر: المفهم (٥/ ٢٦٨)، وشرح مسلم للنووي (١٣/ ٢١٥)، والزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٢١٦)، (٢/ ١٥٩)
(٥) مجموع الفتاوى (٣٤/ ٢٠٤ - ٢٠٥).

<<  <   >  >>