للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: خير النبي نساءه بين البقاء معه أو الطلاق وهذا وعد بالطلاق ولم يقع به طلاق.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: «يَقُولُ اللَّهُ: إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ» (١).

وجه الاستدلال: لا يؤاخذ الله الناس بالإرادة المجردة ما لم يأتوا بالقول أو العمل ومن وعد بالطلاق لم يصدر منه طلاق.

الدليل الثالث: عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله : «إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» (٢).

وجه الاستدلال: كل من حلف على يمين ويدخل في ذلك من حلف على تطليق زوجته فيستحب له الحنث والتكفير ولا يقع الطلاق بمجرد الحلف ومن باب أولى إذا كان وعدًا من غير حلف.

الدليل الرابع: عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: «كَانَ فِي تماضر سوء خلق وكانت على تطليقين. فَلَمَّا مَرِضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ فَقَالَ لَهَا: وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْتِنِي الطَّلاقَ لأُطَلِّقَنَّكِ. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لأَسْأَلَنَّكَ. فَقَالَ: إِمَّا لا فَأَعْلِمِينِي إِذَا حِضْتِ وَطَهُرْتِ. قَالَ: فَلَمَّا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُعْلِمُهُ.

قَالَ: فَمَرَّ رَسُولُهَا بِبَعْضِ أَهْلِهِ فَظَنَّ أَنَّهُ لِذَلِكَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ: أَرْسَلَتْنِي تُمَاضِرُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أُعْلِمُهُ أَنَّهَا قَدْ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ. قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا لا تَفْعَلِي فو الله مَا كَانَ لِيَرُدَّ قَسَمَهُ. فَرَجَعْتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهَا فَقَالَتْ: أَنَا وَاللَّهِ لا أَرُدُّ قَسَمِي أَبَدًا. اذْهَبِي إِلَيْهِ فَأَعْلِمِيهِ. قَالَ: فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَأَعْلَمْتُهُ فَطَلَّقَهَا» (٣).

وجه الاستدلال: وعد عبد الرحمن بن عوف زوجته بالطلاق إذا طهرت فلم يقع الطلاق بمجرد الوعد.


(١) رواه البخاري (٧٥٠١)، ومسلم (١٢٨).
(٢) رواه البخاري (٦٧٢٢)، ومسلم (١٦٥٢).
(٣) انظر: الطلاق السني والطلاق البدعي (ص: ٥٢٩).

<<  <   >  >>