للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ، وَمِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، فَيَنْظُرَانِ أَيُّهُمَا الْمُسِيءُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُسِيءُ حَجَبُوا عَنْهُ امْرَأَتَهُ وَقَصَرُوهُ عَلَى النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسِيئَةُ قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَمَنَعُوهَا النَّفَقَةَ فإِنِ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يَجْمَعَا، فَأَمْرُهُمَا جَائِزٌ فَإِنْ رَأَيَا أَنْ يَجْمَعَا فَرَضِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَكَرِهَ ذَلِكَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ الَّذِي رَضِيَ يَرِثُ الَّذِي كَرِهَ، وَلَا يَرِثُ الْكَارِهُ الرَّاضِي، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾ قَالَ: «هُمَا الْحَكَمَانِ يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا» (١).

وجه الاستدلال: اختار ابن عباس نفوذ حكم الحكمين ولو من غير رضا الزوجين.

الرد: لا دلالة فيه لأنَّه لم يقل إنَّ فعل الحكمين في التفريق والخلع جائز بغير رضا الزوجين بل جائز أن يكون مذهبه أنَّ الحكمين لا يملكان التفريق إلا برضا الزوجين بالتوكيل ولا يكونان حكمين إلا بذلك ثم ما حكما بعد ذلك من شيء فهو جائز (٢).

الجواب: آخر كلامه وكذلك قوله «لَأُفَرِّقَنَّ بَيْنَهُمَا» يدل على أنَّه يرى نفاذ حكم الحكمين ولو من غير رضا الزوجين.

الرد: لو ثبت ذلك فالأثر منقطع فلا يصح الاستدلال به.

الجواب: له شاهد يتقوى به.

الدليل السادس: كما ينفذ حكم الحكمين في بيان نوع الفدية في جزاء قتل الصيد للمحرم فكذلك ينفذ طلاق الحكمين في شقاق الزوجين فكلاهم حكم في كتاب الله (٣).


(١) رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٤٧) حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس » مرسل.
علي بن أبي طلحة صدوق يخطئ ولم يسمع من ابن عباس فروايته مرسلة وبقية رجاله ثقات ويشهد له ما تقدم فيثبت به والله أعلم.
قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٥٤٠): الذي صح عن ابن عباس أنَّهما حكمان.
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٢٧٢).
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٤١).

<<  <   >  >>