للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التخيير (١)، ومذهب الشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، والظاهر أنَّه رأي جمهور الصحابة .

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٨].

وجه الاستدلال: خير النبي نساءه فاخترنه فدل على جواز التخيير والتمليك.

الرد: تخيير النبي لنسائه بين البقاء معه أو يطلقهن فلا يقع الطلاق باختيارهن بل لا بد من إيقاعه لقوله تعالى: ﴿فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ (٤).

الدليل الثاني: أفتى بالتخيير والتمليك عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر وجابر وفضالة بن عبيد ومعاوية وأبو موسى الأشعري وابن عباس في توكيل الزوجة بالطلاق ولم ينقل عن أحد منهم إنكاره إلا عن جابر بن عبد الله مع أنَّهم أنكروا على من استفتاهم في الطلاق البدعي في الوقت والعدد فالظاهر أنَّ مذهب جمهور الصحابة الجواز والله أعلم.

الدليل الثالث: عن القاسم بن محمد قال: كَانَتْ حَيَّةُ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقُرَيْبَةَ بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ فَأَغَارَهُمَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: مَا أَنْكَحَنَا إِلَّا عَائِشَةَ ، وَلَكِنَّ الزَّوْجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَمَا يَقْهَرُنَا إِلَّا بِعَائِشَةَ ، فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ أَخَاهَا أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ قُرَيْبَةَ إِلَى قُرَيْبَةَ، فَفَعَلَ، فَبَعَثَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لِأُخْتِهَا: أَمَّا عَائِشَةُ فَقَدْ قَضَتْ مُدَّتَهَا [هكذا في المطبوع]، وَأَمَّا أَنْتِ فَأَحْدِثِي مِنْ أَمْرِكِ مَا شِئْتِ، فَقَالَتْ: فَإِنِّي أَرُدُّ أَمْرِي عَلَى زَوْجِي، فَلَمْ يُحْسَبْ شَيْئًا (٥).

وجه الاستدلال: طلبت عائشة من أخيها عبد الرحمن جعل أمر زوجته بيدها ففعل ومدحت أم سلمة هذا الفعل منها فدل على جوازه عندهم.


(١) انظر: المعونة (١/ ٥٩٥)، وإكمال المعلم (٥/ ٣٣)، ومناهج التحصيل (٥/ ٧)، والتوضيح (٤/ ١٥١)، وشرح قاسم بن عيسى على الرسالة (٢/ ٤٨٧)، وحاشية الدسوقي (٢/ ٤١٣).
(٢) انظر: الحاوي (١٠/ ١٧٢)، والبيان في مذهب الشافعي (١٠/ ٩٧)، والمجموع (١٧/ ١٠٩).
(٣) انظر: الكافي (٣/ ١٧٤)، والمبدع (٧/ ٢٨٦)، وكشاف القناع (٥/ ٢٥٤).
(٤) انظر: البيان في مذهب الشافعي (١٠/ ٩٧)، والمجموع (١٧/ ١٠٩).
(٥) رواه مالك (٢/ ٥٥٥) - مختصرًا وعبد الرزاق (١١٨٩٦)، وإسناده صحيح. انظر: (ص: ٦٨٣).

<<  <   >  >>