للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمكره قصد اللفظ ومن زل لسانه لم يقصد اللفظ.

الرد: هذه من مسائل الخلاف.

الجواب: الراجح الذي عليه الجمهور أنَّ طلاق المكره لا يقع وتقدم (١).

الدليل الثاني عشر: المغلوب على عقله لا يقع طلاقه فكذلك المخطئ فكلاهما تكلم بالطلاق من غير إرادة لفظه.

الرد: المجنون غير مكلف بخلاف المخطئ.

الجواب: كلاهما دل الدليل الخاص على أنَّ قوله لغو.

الدليل الثالث عشر: لو جرى على لسانه الكفر خطأ لا يكفر فكذلك من جرى الطلاق على لسانه خطأً لا يقع (٢).

الدليل الرابع عشر: لأنَّه أعلم بما أراد، ولا يمكن الاطلاع على ذلك إلا من جهته وهو مؤتمن على ذلك كعبادته فيقبل قوله في الفتوى (٣).

الدليل الخامس عشر: قول اَلنَّبِيِّ : «اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» (٤).

وجه الاستدلال: في الفتوى يصدق الشخص أما في القضاء فلا بد من بينة (٥) فإن وجدت بينة بعدم إرادة لفظ الطلاق قبل قوله وإلا وقع الطلاق.

الترجيح: الذي يترجح لي أنَّ من ادعى الخطأ في الطلاق لا يقع طلاقه في الفتوى فالمفتي يجيبه على ما يسمع منه ويقع في القضاء فلا تقبل دعواه إذا خالفت الظاهر إلا إن ثبت الخطأ بالبينة أو القرينة فيحكم بصدقه ولا يقع طلاقه والله أعلم.

* * *


(١) انظر: (ص: ١٩٤)
(٢) انظر: البحر الرائق (٣/ ٤٥٠).
(٣) انظر: المبدع (٧/ ٢٧٠).
(٤) رواه البيهقي من حديث ابن عباس (١٠/ ٢٥٢) بإسناد حسن. وله ما يشهد له.
انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (٣/ ٤٩٢).
(٥) * تنبيه: البينة كل ما يبين الحق وهي أعم من الشهادة فالشهادة من البينة.
انظر: غاية المقتصدين شرح منهج السالكين (٣/ ٤٩٦).

<<  <   >  >>