للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا يُهْدى؛ فإن الله تبارك وتعالى يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩]؛ فثبت من هذا أن من كان على كفر ويزعم أنه أداه إليه اجتهاده فلم يكن اجتهاده صادقًا خالصًا لوجه الحق، فثبت أنه ليس بمعذور اتفاقًا.

والتكفير دون الكفر قطعًا، ولا سيما الشرك, فقد قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨، ١١٦] , وقد مرَّ في المقدمة ما يتعلق بهذا.

ويشتد الخطر على من فهم من دلالة الكتاب أو السنة في عمل من الأعمال أنه شرك، فعارضها بمجرد التقليد وغيره مما مرَّ. وكذلك من أمكنه تدبر الكتاب والسنة فلم يفعل واكتفى بالتقليد أو غيره. وكذا من لم تمكنه المراجعة ولكنّه قد علم أن من أهل العلم مَنْ يقول في عمل من الأعمال إنه شرك فلم يجتنبه؛ [١٠٩] فإن الاحتياط واجب كما تقدم. وفي الحديث الصحيح: «الحلال بيِّن والحرام بَيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه» (١).

وشبهات الشرك أشدُّ من شبهات الحرام.

وفي حديثٍ آخر: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة» (٢).


(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه ١/ ٢٠ ح ٥٢، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات ٥/ ٥٠ ح ٤١٧٨.
(٢) المسند ٣/ ١٥٣.