للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران: ١٦٥ - ١٦٧].

نزلت هذه الآية فيما أصاب المسلمين يوم أحدٍ إذ قتل منهم حمزة عمُّ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم في سبعين، وقلَّ رجلٌ من سائر المسلمين إلا أصابه جرحٌ، حتى لقد جرح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ــ بأبي هو وأمي ــ فكُسِرت رباعيته وجُرِحت [٤٠٤] شفته وجبهته ووَجْنَته، ودخل فيها حلقتان من حَلَق المِغْفَر (١)، وقد أخبر تعالى أن ذلك بإذنه ليبلوهم.

فكما كان الابتلاء هنالك بواسطة المشركين فهكذا قد يكون الابتلاء بواسطة الشياطين، كأن يشرع المسلم في عملٍ صالحٍ فتعدو عليه الشياطين بالإيذاء والإضرار، وكلُّ ذلك بإذن الله تعالى، فإذا ثبَّته الله تعالى وصبر جبر الله تعالى مصابه وأثابه عليه، وإن كفَّ عن ذلك العمل الصالح فقد تبيَّن كذبه، فإن اندفعت عنه تلك المصائب بعدُ فَلِهَوَانه على الله تعالى، وهكذا قد


(١) ورد في الصحيحين عن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه قال: «جُرِح وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكُسِرت رباعيته وهُشِمت البيضة على رأسه». انظر: صحيح البخاريِّ، كتاب الجهاد والسير، باب لبس البيضة، ٤/ ٤٠، ح ٢٩١١. وصحيح مسلمٍ، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحدٍ، ٥/ ١٧٨، ح ١٧٩٠.
وفي روايةٍ للطيالسيِّ من حديث أبي بكرٍ رضي الله عنه: فانتهينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كُسِرت رباعيته وشُجَّ في وجهه، وقد دخل في وَجْنَته حلقتان من حَلَق المِغْفَر. وأخرجها الحاكم، وقال: «صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه». لكن تعقَّبه الذهبيُّ، فقال: «ابن إسحاق متروكٌ». يعني محمَّد بن إسحاق بن يحيى بن طلحة. انظر: مسند الطيالسيِّ ١/ ٩، ح ٦. المستدرك، كتاب المغازي والسرايا، ذكر ما أُصِيب ثنايا أبي عُبَيدة ... ، ٣/ ٢٧. وكتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب أبي عُبَيدة بن الجرَّاح، كان أبو عُبَيدة أهتم الثنايا، ٣/ ٢٦٦.