للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٢٦ - ٢٨].

وفي الصحيحين وغيرهما عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه كان يقول لأصحابه: «أما والله لأنا أخشاكم لله وأتقاكم له» (١).

ومن السبب في عدم شفاعة الملائكة إلَّا لمن ارتضى عزَّ وجلَّ: حبُّهم لربهم عزَّ وجلَّ وإجلالهم له وعلمهم أنه لا ينبغي ارتضاء ما لم يرتضه الله تعالى، وليسوا في ذلك بأولى من خاتم الأنبياء صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.

وقد خبط الناس في تفسير الشفاعة يوم القيامة، ففَرَّط المعتزلة فأنكروا ما عدا الشفاعة لفصل القضاء التي إنما يراد منها فتح باب الحساب لشدَّة ما يعتري الناس من طول الموقف، والشفاعة لرفع الدرجات. /وأفرط كثير من المتأخرين إلى حدٍّ لا دليل عليه، بل ربما وصل بعضهم إلى حدٍّ تكذِّبه النصوص القطعية. فإن أردت معرفة الحقيقة فعليك أن تجمع الأحاديث الصحيحة وتتدبَّرها وتنظر حاصلها، وأنبهك هنا أنه وقع في حديث أنس في الشفاعة اختصار ستعرفه إذا تدبَّرت الأحاديث إن شاء الله تعالى. اهـ‍ (٢).

وقولُكم: ومنهم مَن لا يستحقُّ أن تُقضى حاجته ولكن إذا شفع فيها أحد [٥٩٤] المقرَّبين قضاها الملِك؛ لأنَّ ذلك المقرَّب يستحقُّ الإكرام.

فجوابه: أن الملائكة بغاية التعظيم لربهم عزَّ وجلَّ لعلمهم بأنه وسع كل


(١) البخاريّ، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، ٧/ ١، ح ٥٠٦٣. ومسلم، كتاب الصيام، باب صحَّة صوم مَن طلع عليه الفجر وهو جنبٌ، ٣/ ١٣٧، ح ١١١٠. [المؤلف]
(٢) انتهى هنا ملحق ص ٥٩٣.