قلنا: فكيف أقدمتم على أن تسوُّوا به فيها ملائكته وتشركوهم به وتجعلوا لهم نصيبًا منها بمجرد الخرص والتخمين، وهو احتمال أنهم يشفعون، وليس عندكم علم بأنهم يشفعون؟ ألا يجوز ألَّا يكونوا يشفعون إليه علمًا منهم بأنه تعالى عالم الغيب والشهادة, أحكم الحاكمين، أرحم الراحمين، مع ما تقدَّم تفصيله من عدم الحاجة؟
فإن قالوا: فقد جاء في القرآن أنهم يشفعون.
قلنا: أنتم كذَّبتم بالقرآن.
فإن قالوا: فما بال القرآن ينكر عبادتهم مع إثباته أنهم يشفعون؟
قلنا: إنما أثبت لهم القرآن الشفاعة إذا أمرهم الله تعالى بها كما قال: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء: ٢٧]، فأثبت أنهم لا يقولون ولا يعملون إلا إذا أمرهم الله تعالى، فشفاعتهم إنما هي امتثال منهم لأمر ربهم عزَّ وجلَّ، فأنَّى يستحقون أن يُعْبدوا على هذه الشفاعة التي لا تقع منهم إلا طاعة لربهم فقط؟ أوَ ليس المستحق للشكر على هذه الشفاعة هو الآمر بها سبحانه؟
فإن قالوا: فقد عبَّر القرآن في مواضع أُخَر بالإذن، فقال:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ [٥٩٦] عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}[البقرة: ٢٥٥] إلى غير ذلك، وهذا يُشعر بأنهم