للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلق الله عزَّ وجلَّ أو تتحيَّروا، فإن انتهى إلى خلق الله فهو وحده المستحقُّ للعبادة على ما خلق، وإن انتهى إلى الحيرة فليس لكم أن تسوُّوهم بالله عزَّ وجلَّ فيما هو حقٌّ قطعيٌّ له من العبادة وتشركوهم به فيها بغير سلطان بيِّن، وليس مع الحيرة سلطان.

فإن قلتم: بل العلَّة في إرادتهم الشفاعة واختيارهم لها هي المعنى الرابع أي مكافأتهم المشفوع له على تعظيمه إيَّاهم فيما سبق أو رغبتهم أن يعظِّمهم فيما بعد.

قلنا: وما برهانكم على أنَّ هذا هو العلة، لِم لا يجوز أن تكون العلة غيره مما مرّ؟ فإن لم يكن عندكم برهان فقد علمتم أنَّ الإشراك بالله تعالى بناءً على مجرد الخرص والتخمين أقبح القبح.

فإن قالوا: قياسًا على الله تعالى, فإنه يحب أن يعظَّم.

قلنا: إنما يحب الله أن يعظَّم لأن تعظيمه حق، وهو يحب الحق. ولم يثبت بعدُ أنَّ تعظيم الملائكة حق، بل هو محل النزاع.

فإن قالوا: فقياسًا على البشر، فإن البشر يحبون أن يعظَّموا.

قلنا: أما خيار البشر فإنهم لا يحبون أن يعظَّموا إلا إذا كان التعظيم حقًّا يحبه الله تعالى ويرضاه، وقد علمتم أنه لم يثبت بعدُ أن تعظيم الملائكة حق. وأما أشرار البشر فإنهم يحبُّون التعظيم بحق [٥٩٨] وبغير حق، ولكن ليس الملائكة بأشرار، ولو كانوا أشرارًا يحبون التعظيم بغير حقٍّ لما أذن الله تعالى لهم بالشفاعة أصلًا.

فإن قالوا: إنَّ التفصيل الذي ذكرتموه يأتي نحوه في إحسان بعض