للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَحْمَةً لِلطَّالِبِ مِنْ فِسْقِ الْجَاحِدِ كَمَا شَرَعَ الرَّهْنَ عِوَضًا مِنْ الشَّاهِدِ فَكَانَتْ مَعَهُ الْيَمِيِنُ, فَتَدَبّرْهُ (١).

[١٥٨٩] (٤٥٥٢) خ نا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ، نا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُدَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الْحُجْرَةِ، فَجُرِحَتْ (٢) إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى فِي كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الْأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ».

ذَكِّرُوهَا بِالله وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ.

قَالَ الأَصِيلِيُّ:

لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, هُوَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ وَنَافِعٌ الْجُمَحِيُّ عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ عَنْهُ (٣).


(١) هذهِ المسالة التّي شَرَحَها المهلّبُ وانْتصَرَ فِيها لِمالِكٍ مِن مَسَائلِ الخلافِ، فَأَمّا عُلماء الْكُوفِيِّينَ فخَصَّصُوا الْيَمِين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الأَمْوَال دُون الْحُدُود، وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى الْقَوْل بِعُمُومِ ذَلِكَ فِي الأَمْوَال وَالْحُدُود وَالنِّكَاح وَنَحْوه، وَاسْتَثْنَى مَالِك النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعَتَاق وَالْفِدْيَة فَقَالَ: لَا يَجِب فِي شَيْء مِنْهَا الْيَمِين حَتَّى يُقِيم الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَلَوْ شَاهِدًا وَاحِدًا، فالبخاري في هذه المسألة مع الجمهور والله اعلم.
(٢) كذا في النسخة، وفي الصحيح: فَخَرَجَتْ.
(٣) في ما قَالَه الأصيلي نظر، فقد جاء مرفوعا من رواية الثقات، فممن رواه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن داود عن ابن جريج في البخاري، وابن وهب عنه في مسلم (٣٢٢٨)، وابن ماجه (٢٣١٢).
وأخرج هذه الروايات البيهقي ومن طريق عبد الوهاب بن عطاء وعبد الله بن إدريس عنه (في سننه ١٠/ ١٠)، وقَالَ: على هذا رواية الجماعة عن ابن جريج أهـ وهكذا رواه عبد الرزاق عن محمد بن مسلم عن ابن جريج (١٥١٩٣).
ورواه الطبراني من حديث المفضل عنه (١١٠٦١) ومن طريق ابن إدريس (١١٠٦٢).
ورواه أَبُونعيم في المستخرج (٤٨٧٤) من حديث ابن وهب وحجاج وابن عطاء وأبي عاصم.
ورواه ابن حبان في صحيحه (٥١٧٣) من حديث حجاج وابن وهب.
وأما حديث نافع فقد خرجه الطبراني (١١٠٦٠) فقَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوبَ الْعَلافُ , وَعَمْرُو بن أبِي الطَّاهِرِ بن السَّرْحِ الْمِصْرِيَّانِ، قَالَاَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن أبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بن عُمَرَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنِ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا فَادَّعَتْ أَنَّ صَاحِبَتَهَا ضَرَبَتْهَا بِالاشفا وَأَنْكَرَتِ الأُخْرَى، فَكَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى: أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا دَعْوَاهُمْ لادَّعَى أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ أَمْوَالَ أُنَاسٍ وَدِمَاءَهُمْ وَلَكِنِ ادْعُهَا, فاتْلُ عَلَيْهَا: "إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ" قَالَ: فَفَعَلْتُ فَاعْتَرَفَتْ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَسُرَّ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>