للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ الله فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا أن يَتَثَاوَرُا (١).

وقَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي وَالله لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَالله لَحِمَارُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ الله رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتَمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِي وَالنِّعَالِ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا (٢)، ثُمَّ رَكِبَ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُوحُبَابٍ» - يُرِيدُ عَبْدَ الله بْنَ أبِي - «قَالَ كَذَا وَكَذَا».

قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ الله اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَاءَ الله بِالْحَقِّ الَّذِي نَزَّلَ عَلَيْكَ ولَقَدْ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ (٣) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى الله ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمْ الله، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ الله {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الْآيَةَ،


(١) كذا في النسخة، وفي الصحيح: كادوا يتثاورون، وهو أفصح.
(٢) في الصحيح: سكنوا. بِالنُّونِ وكَذَا هو في رواية الأَكْثَرِ، وَعِنْد الْكُشْمِيهَنِيِّ كما في النسخة بِالْمُثَنَّاةِ.
(٣) فِي رِوَايَة الْحَمَوِيِّ " الْبُحَيْرَة " بِالتَّصْغِيرِ، وَهَذَا اللَّفْظ يُطْلَق عَلَى الْقَرْيَة وَعَلَى الْبَلَد، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة، وَنَقَلَ يَاقُوت أَنَّ الْبَحْرَة مِنْ أَسْمَاء الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>