واختصره، وله في البخاري، اختصار مشهور، سماه: كتاب النصيح في اختصار الصحيح، وعلق عليه تعليقًا في شرحه مفيد أهـ.
مع أنَّ الأصيلي والقابسي سبقاه لاختصار الصحيح، لكن ذلك لم يشع عنهما.
وكذلك أخوه الإمام أَبُوعبد الله محمد بن أبِي صفرة له شرح مشهور على مختصر القابسي لم يتصل بنا في هذا العصر، ينقل منه المهلب وغيره، وفي هذا الكتاب وغيره.
وقد ظهر لي أن الحافظ ابن حجر لم يطلع مباشرة على روايتي الأصيلي والقابسي، مع أن في الفتح عبارات قد توهم اطلاعه على الروايتين (١)، ولا على كتابي المهلب النصيح والشرح، وإنما ينقل الروايتين بواسطة بعض الشراح كابن التين وابن بطال وغيرهم، واعتماده على ابن بطال أكثر، وينقل عن المهلب بواسطة ابن بطال غالبا، ولم أجد عنده نقلا عن المهلب ليس في ابن بطال، ويحتاج الأمر إلى استقراء أكثر، وهو ما لم أفعله في هذه الجزئية، وقد نقل الحافظ عن الأصيلي والمهلب مصحفا عندما صحف ابن بطال في النقل عنهما، واعتمده الحافظ ثقةً به، كما سأذكره في موضعه، وذلك مما زادني بهذا النصيح احتفاء.
وشيء آخر ظهر لي بالتتبع والاستقراء، وهو أن ذاك الجزم القاطع الذي يطلقه الحافظ أحيانًا - وغيره - عن نسخ البخاري، - فيقولون مثلًا: في نسخة فلان كذا وقد تفردت به عن سائر النسخ -, قد لا يجوز هذا القطع في أحيان
(١) وقد اطلعت على نسخة الحافظ أبِي زرعة العراقي لصحيح البخاري، وهي من أصح النسخ المخطوطة وأضبطها، وقد ذكر فيها أسانيده، فلم يسند روايتي الأصيلي ولا القابسي، واسند رواية أبِي ذر عن الشيوخ الثلاثة، ورواية الداوودي، ورواية كريمة، وهذه هي الروايات المعروفة في مصر زمن الحافظ ابن حجر، والله أعلم.