للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ جَرِيرٌ: «تَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارٌ فَإِذَا فَتَرَتْ (١) ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وقَالَ: يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ اللهبُ ضَوْضَوْا, قَالَ: قُلْتُ لهم: مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ, قَالَ: فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ, قَالَ جَرِيرٌ: مِنْ دَمٍ»، وقَالَ عَوْفٌ: «حَسِبْتُ أَنَّهُ كان يقول أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ, وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سابحٌ يَسْبَحُ، وإذَا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ»، قَالَ جَرِيرٌ: «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ»، وقَالَ عَوْفٌ: «فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا, (قَالَ: فَيَنْطَلِقُ فَيَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ وَأَلْقَمَهُ حَجَرًا) (٢)، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ, فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَه نَارٌ لَهُ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا, قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ, فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتِمَةٍ (٣)

فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ,


(١) هكذا في الأصل مجودة، إلا أنه زاد ألفا قبلها فصارت: افترت، ولعلها ألف إذا قبلها كررها مرتين، وليس بسالم من التصحيف أو الخطأ، فقد قال القاضي عياض: فإذا فترت ارتفعوا كذا للقابسي وابن السكن وعبدوس، وعند أبِي ذر والأصيلي: اقترب، وعند النسفي وإذا وقدت ارتفعوا وهو الصحيح، بدليل قوله بعدت فإذا خمدت رجعوا فيها أهـ (المشارق ٢٤٥)، ولم يذكر الحافظ في هذا الحرف غير رواية أبِي ذر.
(٢) هذا ثابت في رواية عوف، وقد سقط على الناسخ من انتقَالَ النظر فيما يبدو.
(٣) هَكَذَا ضَبَطَها فِي الأَصْلِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلِبَعْضِهِمْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة وَتَشْدِيد الْمِيم، يُقَال أَعْتَمَ الْبَيْت إِذَا اِكْتَهَلَ وَنَخْلَة عَتِيمَة طَوِيلَة، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ أَعْتَمَتْ الرَّوْضَة غَطَّاهَا الْخِصْب، وَهَذَا كُلّه عَلَى الرِّوَايَة بِتَشْدِيدِ الْمِيم، قَالَ اِبْن التِّين: وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّخْفِيفِ وَجْهٌ.

قُلْت: الَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ مِنْ الْعَتَمَة وَهُوَ شِدَّة الظَّلَّام فَوَصَفَهَا بِشِدَّةِ الْخُضْرَة كَقَوْلِهِ تَعَالَى (مُدْهَامَّتَانِ)، وَضَبَطَ اِبْن بَطَّال رَوْضَة مِغِنِّمَة بِكَسْرِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد النُّون، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اِبْن دُرَيْدٍ: وَادٍ أَغَنّ وَمُغْنٍ إِذَا كَثُرَ شَجَره، وَقَالَ الْخَلِيل: رَوْضَة غَنَّاء كَثِيرَة الْعُشْب، وَفِي رِوَايَة جَرِير بْن حَازِم " رَوْضَة خَضْرَاء وَإِذَا فِيهَا شَجَرَة عَظِيمَة " أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>