الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّهَارِ, وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ, قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا».
قَالَ حَفْصٌ: «تَأْتِي عَلَيهِ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ».
قَالَ الأحْنَفُ: «أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ».
وقَالَ أَبُوشِهَابٍ: «يَمْكُثُ عِنْدِي فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَا دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ».
قَالَ ابْنُ رُفَيْعٍ: عَنْ زَيْدٍ، عَنْ أبِي ذَرٍّ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِي فَإِذَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسَانٌ, قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ أَحَدٌ, قَالَ: فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي ظِلِّ الْقَمَرِ, فَالْتَفَتَ فَرَآنِي, فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» قُلْتُ: أَبُوذَرٍّ جَعَلَنِي الله فِدَاءَكَ، قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» (١) , زَادَ حَفْصٌ فيه: قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ الله, قَالَ: «الأَكْثَرُونَ هُمْ الأَقَلُّونَ».
زَادَ ابْنُ رُفَيعٍ: «يَوْمَ الْقِيَامَةِ, إِلَا مَنْ أَعْطَاهُ الله خَيْرًا فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا».
زَادَ أَبُوشِهَابٍ: «وَقَلِيلٌ مَا هُمْ».
قَالَ ابْنُ رُفَيعٍ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً, فَقَالَ: «اجْلِسْ هَا هُنَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ» , فَأَجْلَسَنِي فِي قَاعٍ حَوْلَهُ حِجَارَةٌ.
وقَالَ أَبُوالأَحْوَصِ فِيهِ: قَالَ لِي: «مَكَانَكَ لَا تَبْرَحْ حَتَّى آتِيَكَ» , ثُمَّ انْطَلَقَ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى.
قَالَ ابنُ رُفَيعٍ: فِي الْحَرَّةِ, حَتَّى لَا أَرَاهُ, فَلَبِثَ عَنِّي فَأَطَالَ اللُّبْثَ.
(١) في الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُفَيْعٍ زِياَدَةُ: تَعَالَهْ.