للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ صَالِحٌ: فَذَكَرَا (١) مَا تَمَالأَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ, فَقَالَا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ, فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنْ الأَنْصَارِ, فَقَالَا: لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ, اقْضُوا أَمْرَكُمْ, فَقُلْتُ: وَالله لَنَأْتِيَنَّهُمْ, فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ, فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ, فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ, فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالَوا: يُوعَكُ, فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلًا تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ فَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ, ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ, فَنَحْنُ أَنْصَارُ الله وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ, وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ, وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُوَنَا مِنْ أَصْلِنَا, وَأَنْ يَحْضُنُوَنَا مِنْ الأَمْرِ, فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ, وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أبِي بَكْرٍ, وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ, فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُوبَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ, فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْصِيَهُ (٢) , فَتَكَلَّمَ أَبُوبَكْرٍ, وَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ, وَالله مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَا قَالَ فِي بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا, حَتَّى سَكَتَ, فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ, وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلَا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ, هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا, وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ, هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ (٣) , فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ, فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا, فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا, كَانَ وَالله أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ,


(١) في الأصلين: فذكر، أي أن عمر هو الذي ذكر ما تمالأ عليه القوم، وما أثبته من الصحيح: فذكرا، أي أن الأنصاريين هما من ذكرا ذلك، وهذا هو الصحيح، وما وقع في الأصل تصحيف من الناسخ، بدلالة قول المهلب في التخريج: وَخَرَّجَهُ في: باب غزوة بدر من أجل ذكر البدريين اللذين أخبراهم بأمر الأنصار أهـ.
(٢) هكذا في النسخة وَمثله فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ، ولغيرهما: أَنْ أُغْضِبَهُ.
(٣) هكذا كرر في الأصلين، وليست هذه الكلمة في الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>