للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن بطال في شرح هذا الحديث: ( ... وباقي الحديث حض على التعاون، وحسن التعاشر، والألفة، والستر على المؤمن، وترك التسمع به، والإشهار لذنوبه) (١).

وقال ابن حجر (٢) والعيني (٣): (وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة).

- وعن أنس رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) قيل: يا رسول الله، هذا نصرته مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يده)) (٤).

قال ابن بطال: (والنصرة عند العرب: الإعانة والتأييد، وقد فسره رسول الله أن نصر الظالم منعه من الظلم؛ لأنه إذا تركته على ظلمه ولم تكفه عنه أداه ذلك إلى أن يقتص منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدل من باب الحكم للشيء وتسميته بما يئول إليه ... ) (٥).

وقال العيني: (النصرة تستلزم الإعانة) (٦).

- وعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخيرٍ فقد غزا)) (٧).

قال ابن بطال: (وقال الطبري: وفيه من الفقه أن كل من أعان مؤمنًا على عمل بر فللمعين عليه أجر مثل العامل، وإذا أخبر الرسول أن من جهز غازيًا فقد غزا، فكذلك من فطر صائمًا أو قواه على صومه، وكذلك من أعان حاجا أو معتمرًا بما يتقوى به على حجه أو عمرته حتى يأتى ذلك على تمامه فله مثل أجره. ومن أعان فإنما يجيء من حقوق الله بنفسه أو بماله حتى يغلبه على الباطل بمعونة فله مثل أجر القائم، ثم كذلك سائر أعمال البر، وإذا كان ذلك بحكم المعونة على أعمال البر فمثله المعونة على معاصي الله وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر والإثم مثل ما لعاملها) (٨).

وقال ابن عثيمين: (وهذا من التعاون على البر والتقوى، فإذا جهز الإنسان غازياً، يعني براحلته ومتاعه وسلاحه، ثلاثة أشياء: الراحلة، والمتاع، والسلاح، إذا جهزه بذلك فقد غزا، أي كتب له أجر الغازي، لأنه أعانه على الخير. وكذلك من خلفه في أهله بخير فقد غزا، يعني لو أن الغازي أراد أن يغزو ولكنه أشكل عليه أهله من يكون عند حاجاتهم، فانتدب رجلاً من المسلمين وقال: اخلفني في أهلي بخير، فإن هذا الذي خلفه يكون له أجر الغازي؛ لأنه أعانه) (٩).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر عن معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ... )) (١٠).

قال ابن دقيق العيد: (هذا الحديث عظيم جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك) (١١).

وقال ابن حجر (وفي الحديث حض على التعاون وحسن التعاشر والألفة) (١٢).

وقال المباركفوري: (وقال النووي هذا الحديث صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ) (١٣).


(١) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (٦/ ٥٧١).
(٢) ((فتح الباري)) لابن حجر (٥/ ٩٧).
(٣) ((عمدة القاري)) للعيني (١٢/ ٢٨٩).
(٤) رواه البخاري (٢٤٤٤).
(٥) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (٦/ ٥٧٢).
(٦) ((عمدة القاري)) للعيني (١٢ - ٢٨٩).
(٧) رواه البخاري (٢٨٤٣)، ومسلم (١٨٩٥) واللفظ له
(٨) ((عمدة القاري)) للعيني (١٢ - ٢٨٩).
(٩) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٢/ ٣٧٤).
(١٠) رواه مسلم (٢٦٩٩).
(١١) ((شرح الأربعين النووية)) لابن دقيق العيد (١/ ١١٩).
(١٢) ((فتح الباري)) لابن حجر (٥/ ٩٧).
(١٣) ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (٦/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>