للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا تستكبر على أحد، وحتى حين ترى الفاسق فلا تستعل عليه، أو تعامله بأسلوب المتسلط المستكبر.

٦ - تواضع صاحب المال:

فإن مَن مَنَّ الله عليهم بالمال، والجاه، والقوة، والنفوذ، أحوج الخلق إلى خلق التواضع. لأن هذه النعم مدعاة إلى الكبر والفخر.

وما ابتليت الأمة بمصيبة الكبر إلا من هؤلاء، ولو نظر صاحب المال مثلاً إلى سالف أمره، إذا ما رزق مالاً أن يشكر ربه الذي أغناه بعد فقر، وأعطاه بعد حرمان، وأشبعه بعد جوع، وأمنه بعد خوف، وأن يجعل التواضع فراشه، ودثاره، وزينته، هذا هو الشكر العملي الحقيقي، فكن أخي عثماني المنهج، ولا تكن قاروني!!

أما أن يتكبر وهذا حاله، فلا أدري بما يوصف هذا الإنسان، وقد بدلت لديه المفاهيم والموازين.

وكذلك يقال لصاحب كل نعمة أن عليك بالتواضع، فلربما دارت عليك الأيام، وبدل الحال.

٧ - تواضع القائد مع الأفراد:

القائد الناجح هو الذي يخفض جناحه للأفراد الذين هم تحته؛ لأنه كلما تواضع لهم وخفض لهم جناحه كان أقرب إلى نفوسهم، وكان أمره لهم محبباً إليهم، فهم يطيعونه عن حب وإخلاص، يقول تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء: ٢١٥].

ومن مظاهر هذا التواضع، عدم الاستبداد بالرأي والانفراد باتخاذ القرار، وذلك أن استفراغ ما عند الأفراد من آراء وأفكار لاشك أن ذلك يفتح أبواباً كانت مغلقة على القادة، والاستماع إليها والنزول عن الرأي إليها – إذا كانت صحيحة – تقلل من نسبة الخطأ في القرار، وببركة الشورى قد يجبر الله ما بها من قصور، ولله در القائل:

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به ... رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

وألا يجد القادة في نفوسهم شيئاً إذا تحولوا إلى جنود أو أفراد في الصف بعد أن كانوا قادة؛ وذلك لأن الأجر والثواب يكون بالإخلاص والتجرد، والصدق مع الله.

وكما يقول الفضيل بن عياش: (من أحب الرياسة لم يفلح أبدا) ولا شك أن المؤمن كلما ازداد تواضعاً ازداد إيماناً بالله وقرباً منه، وكلما ازداد عتواً وترفعاً على الناس ازداد مقتاً وبعداً منه سبحانه (١).


(١) انظر ((الأخلاق الإسلامية ودورها في بناء المجتمع)) لجمال نصار- بتصرف – (ص ٢٣٨) ((دروس إيمانية في الأخلاق الإسلامية)) لخميس السعيد - بتصرف (ص ٣٩) ((من أخلاق الداعية)) لسلمان العودة - بتصرف (ص ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>