قال ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - قال - وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز. يقوده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه فعفا عنهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح:٢٤] كلها. قال ثم خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون فاستغفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن رقى هذا الجبل الليلة كأنه طليعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه - قال سلمة - فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثا ثم قدمنا المدينة فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بظهره مع رباح غلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا معه وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستاقه أجمع وقتل راعيه قال فقلت يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن المشركين قد أغاروا على سرحه - قال - ثم قمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثا يا صباحاه. ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز أقول أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع فألحق رجلا منهم فأصك سهما في رحله حتى خلص نصل السهم إلى كتفه - قال - قلت خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع قال فوالله ما زلت أرميهم وأعقر بهم فإذا رجع إلي فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها ثم رميته فعقرت به حتى إذا تضايق الجبل فدخلوا في تضايقه علوت الجبل فجعلت أرديهم بالحجارة - قال - فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا خلفته وراء ظهري وخلوا بيني وبينه ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا يستخفون ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى أتوا متضايقا من ثنية فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحون - يعني يتغدون - وجلست على رأس قرن قال الفزاري ما هذا الذي أرى قالوا لقينا من هذا البرح والله ما فارقنا منذ غلس يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا. قال فليقم إليه نفر منكم أربعة. قال فصعد إلي منهم أربعة في الجبل - قال - فلما أمكنوني من الكلام - قال - قلت هل تعرفوني قالوا لا ومن أنت قال قلت أنا سلمة بن الأكوع والذي كرم وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته ولا يطلبني رجل منكم. فيدركني قال أحدهم أنا أظن. قال فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتخللون الشجر - قال - فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي - قال - فأخذت بعنان الأخرم - قال - فولوا مدبرين قلت يا أخرم احذرهم لا يقتطعوك حتى يلحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه. قال يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة.