للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير رحمه الله: (يقول تعالى: وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أي: ومن الأمم أُمًّةٌ قائمة بالحق، قولا وعملا يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يقولونه ويدعون إليه، وَبِهِ يَعْدِلُونَ يعملون ويقضون.

وقد جاء في الآثار: أن المراد بهذه الأمة المذكورة في الآية، هي هذه الأمة المحمدية.

قال سعيد، عن قتادة في تفسير هذه الآية: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قرأ هذه الآية: هذه لكم، وقد أعطي القوم بين أيديكم مثلها: وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١) [الأعراف:١٥٩]) (٢).

- وقال عز من قائل: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [النحل:٧٦]

(يقول الله تعالى هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ يعني: هل يستوي هذا الأبكم الكل على مولاه الذي لا يأتي بخير حيث توجه ومن هو ناطق متكلم يأمر بالحقّ ويدعو إليه وهو الله الواحد القهار، الذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته، يقول: لا يستوي هو تعالى ذكره، والصنم الذي صفته ما وصف. وقوله وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يقول: وهو مع أمره بالعدل، على طريق من الحقّ في دعائه إلى العدل، وأمره به مستقيم، لا يَعْوَجّ عن الحقّ ولا يزول عنه) (٣).

الأمر بالعدل ومدح من يقوم به في السنة النبوية:

لقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم العدل، ورغب فيه، وقد وردت نصوص حديثية تدل على تطبيقه قواعد العدل، منها:

- عن عبادة بن الصامت- رضي الله عنه- قال: ((بايعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على السّمع والطّاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكارهنا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالعدل أين كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم)) (٤).

- وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)) (٥).

قال ابن عثيمين رحمه الله: (فالعدل واجب في كل شيء لكنه في حق ولاة الأمور آكد وأولى وأعظم لأن الظلم إذا وقع من ولاة الأمور حصلت الفوضى والكراهة لهم حيث لم يعدلوا) (٦).


(١) رواه الطبري في ((جامع البيان)) (١٣/ ٢٨٦).
(٢) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٣/ ٥١٦).
(٣) ((جامع البيان)) للطبري (١٧/ ٢٦٢).
(٤) رواه النسائي (٤١٥٣)، وأحمد (٣/ ٤٤١) (١٥٦٩١) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. وصححه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (٢٣/ ٢٧٢)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٤/ ٩١)، والألباني في ((صحيح النسائي)) (٤١٦٤).
(٥) رواه ابن حبان (١٠/ ٣٣٦)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣٩) (٣٤٠٣٥)، واللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٦٩٩) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وصححه ابن العربي كما في ((التذكرة للقرطبي)) (٢٢٣)، وابن تيمية في ((تلبيس الجهمية)) (٥/ ٤٨٥).
(٦) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٣/ ٦٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>