للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وعن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((إنّ أحبّ النّاس إلى الله يوم القيامة، وأدناهم منه مجلسا: إمام عادل، وأبغض النّاس إلى الله، وأبعدهم منه مجلسا: إمام جائر)) (١).

قال الحافظ: (المراد به صاحب الولاية العظمى ويلتحق به كل من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه، ويؤيده رواية مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رفعه: ((إن المقسطين عند الله .... )) (٢) قال وأحسن ما فسر به العادل الذي يتبع أمر الله بوضع كل شيء في موضعه من غير إفراط ولا تفريط وقدمه في الذكر لعموم النفع به) (٣).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((ثلاثة لا تردّ دعوتهم، الإمام العادل، والصّائم حتّى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السّماء ويقول: بعزّتي، لأنصرنّك ولو بعد حين)) (٤).

قال الغزالي: (فيه أن الإمارة والخلافة من أفضل العبادات إذا كانتا مع العدل والإخلاص ولم يزل المتقون يحترزون منها ويهربون من تقلدها لما فيها من عظيم الخطر إذ تتحرك به الصفات الباطنة ويغلب على النفس حب الجاه والاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا) (٥).

- وعنه أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عدل، وشابّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)) (٦).

قال ابن رجب: (وأول هذه السبعة: الإمام العادل. وَهُوَ أقرب النَّاس من الله يوم القيامة، وَهُوَ عَلَى منبر من نور عَلَى يمين الرحمن، وذلك جزاء لمخالفته الهوى، وصبره عَن تنفيذ مَا تدعوه إليه شهواته وطمعه وغضبه، مَعَ قدرته عَلَى بلوغ غرضه من ذَلِكَ؛ فإن الإمام العادل دعته الدنيا كلها إلى نفسها، فقالَ: إني أخاف الله رب العالمين. وهذا أنفع الخلق لعباد الله، فإنه إذا صلح صلحت الرعية كلها. وقد روي أَنَّهُ ظل الله فِي الأرض؛ لأن الخلق كلهم يستظلون بظله، فإذا عدل فيهم أظله الله فِي ظله) (٧).


(١) رواه الترمذي (١٣٢٩)، وأحمد (٣/ ٥٥) (١١٥٤٢) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن غريب. ومثله قال البغوي في ((شرح السنة)) (٥/ ٣١٤)، وقال الذهبي في ((المهذب)) (٨/ ٤٠٦٩): فيه عطية ضعيف. وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (١١٥٦).
(٢) رواه ابن حبان (١٠/ ٣٣٦)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣٩) (٣٤٠٣٥)، واللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٦٩٩) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وصححه ابن العربي كما في ((التذكرة للقرطبي)) (٢٢٣)، وابن تيمية في ((تلبيس الجهمية)) (٥/ ٤٨٥).
(٣) ((فتح الباري)) لابن حجر (٢/ ١٤٥).
(٤) رواه الترمذي (٣٥٩٨)، وابن ماجه (١٧٥٢)، وأحمد (٢/ ٣٠٤) (٨٠٣٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (٥/ ١٥٢)، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير)) (٣٥٢٠)، وصحح إسناده أحمد شاكر في ((تخريج المسند)) (١٥/ ١٨٩).
(٥) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (٣/ ٣٢٤).
(٦) رواه البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٧) ((فتح الباري)) لابن رجب (٤/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>