للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حيان الأندلسي: (العزم مصدر، فاحتمل أن يراد به المفعول، أي من معزوم الأمور، واحتمل أن يراد به الفاعل، أي عازم الأمور) (١).

قال القرطبي: (إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور أي مما عزمه الله وأمر به قاله ابن جريج: ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة وقول ابن جريج أصوب) (٢).

- وقال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُون [الأحقاف: ٣٥].

قال ابن جرير الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، مثبته على المضيّ لما قلَّده من عبْء الرسالة، وثقل أحمال النبوّة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وآمره بالائتساء في العزم على النفوذ لذلك بأولي العزم من قبله من رسله الذين صبروا على عظيم ما لَقُوا فيه من قومهم من المكاره، ونالهم فيه منهم من الأذى والشدائد) (٣).

وقال ابن عجيبة: (فإنك مِن جملتهم، بل من أكملهم وأفضلهم) (٤).

- وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: ٤٣].

قال الماوردي: (يحتمل قوله: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وجهين:

أحدهما: لمن عزائم الله التي أمر بها.

الثاني: لمن عزائم الصواب التي وفق لها) (٥).

وقال ابن كثير: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ أي: لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل) (٦).

وقال السعدي: (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ أي: لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر) (٧).

وقال الواحدي: (إن ذلك أَيْ: الصَّبر والغفران لمن عزم الأمور لأنَّه يوجب الثَّواب، فهو أتمُّ عزمٍ) (٨).

- وقوله تعالى: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد: ٢١].

وقوله: فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ (فعن مجاهد فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ قال: إذا جد الأمر ... وقتادة فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ يقول: طواعية الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم) (٩).

قال الرازي: (جوابه -أي جواب إذا- محذوف تقديره فَإِذَا عَزَمَ الأمر خالفوا وتخلفوا، وهو مناسب لمعنى قراءة أُبي كأنه يقول في أول الأمر قالوا سمعاً وطاعة، وعند آخر الأمر خالفوا وأخلفوا موعدهم، ونسب العزم إلى الأمر والعزم لصاحب الأمر معناه: فإذا عزم صاحب الأمر. هذا قول الزمخشري، ويحتمل أن يقال هو مجاز كقولنا جاء الأمر وولى فإن الأمر في الأول يتوقع أن لا يقع وعند إظلاله وعجز الكاره عن إبطاله فهو واقع فقال عَزَمَ والوجهان متقاربان) (١٠).


(١) ((البحر المحيط)) أبوحيان الأندلسي (٨/ ٤١٥).
(٢) ((تفسير القرطبي)) (١٤/ ٦٩).
(٣) ((تفسير الطبري)) ابن جرير الطبري (٢٢/ ١٤٥)، وانظر ((تفسير السعدي)) (١/ ٧٨٣).
(٤) ((تفسير البحر المديد)) ابن عجيبة (٦/ ٤٩).
(٥) ((تفسير النكت والعيون)) الماوردي (٥/ ٢٠٩).
(٦) ((تفسير ابن كثير)) (٧/ ٢١٣).
(٧) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان))، عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (١/ ٧٦٠).
(٨) ((الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) الواحدي (ص٩٦٧).
(٩) انظر ((تفسير الطبري)) (٢٢/ ١٧٦ - ١٧٧).
(١٠) ((مفاتيح الغيب)) فخر الدين الرازي (٢٨/ ٥٣ - ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>