للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- و (عن ابْن مسعود، قَالَ: لَقَدْ سَأَلَنِي رجلٌ عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا مُؤْدِيًا نَشِيطًا يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ إِلا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَعَسَى أَنْ لا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيءٌ سَأَلَ رَجُلا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِي كَدَرُهُ) (١).

قال بدر الدين العيني: (قوله فيعزم علينا أي الأمير يشدد علينا في أشياء لا نطيقها وقال الكرماني فيعزم إن كان بلفظ المجهول فهو ظاهر يعني لا يحتاج إلى تقدير الفاعل ظاهرا هذا إن كان جاءت به رواية قوله حتى نفعله غاية لقوله لا يعزم أو للعزم الذي يتعلق به المستثنى) (٢).

- وعن جماعة من الصحابة مرفوعا (إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) (٣).

قال المناوي: (عزائمه أي مطلوباته الواجبة فإن أمر الله في الرخص والعزائم واحد) (٤).

قال القاري: (الرخصة إذا كانت حسنا فالعزيمة أولى بذلك) (٥).

- وعن شدّاد بن أوس- رضي الله عنه- قال: ((إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في صلاته اللهمّ إنّي أسألك الثّبات في الأمر، والعزيمة على الرّشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شرّ ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم)) (٦).

قال المناوي: (وأسألك عزيمة الرشد وفي رواية العزيمة على الرشد قال الحرالي وهو حسن التصرف في الأمر والإقامة عليه بحسب ما يثبت ويدوم) (٧).

من أقوال العلماء في العزم والعزيمة

- قال ابن منظور: (لا خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ أَوْرَطَتْ صاحبَها) (٨).

- وقال فخر الدين الرازي: (منصب النبوة والإمامة لا يليق بالفاسقين، لأنه لا بد في الإمامة والنبوة من قوة العزم والصبر على ضروب المحنة حتى يؤدي عن الله أمره ونهيه ولا تأخذه في الدين لومة لائم وسطوة جبار) (٩).

- وقال الغزالي: (التَّقْوَى في قول شُيوخنا: تنزيهُ القَلْب عن ذَنْب لم يسبق منك مِثْلُه حتى يَحْصُلَ للعبدِ من قُوّة العَزْم على تركِه وِقايةٌ بينه وبين المعاصي) (١٠).

- وقال ابن الجوزي) ليس في سياط التأديب أجود من سوط العزم) (١١).


(١) رواه البخاري (٢٩٦٤).
(٢) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) بدر الدين العيني (٢٢/ ٢٩٩).
(٣) رواه ابن حبان (٢/ ٦٩) (٣٥٤)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (٦/ ٢٧٦)، والضياء في ((المختارة)) (١٢/ ٢٧٨) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ورواه ابن حبان (٨/ ٣٣٣) (٣٥٦٨)، والبزار (١٢/ ٢٥٠)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٣/ ٢٠٠) (٥٤١٥) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه الطبراني في ((الكبير)) (١٠/ ٨٤)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (٢/ ١٠١) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ورواه الطبراني في ((الأوسط)) (٨/ ٨٢)، والقضاعي في ((مسنده)) (٢/ ١٥١) من حديث عائشة رضي الله عنها. وحسن المنذري إسناد البزار في ((الترغيب والترهيب)) (٢/ ٨٨)، وجوّد النووي إسناد البيهقي في ((الخلاصة)) (٢/ ٧٢٩)، وقال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (١/ ٣٨٨) في إسناد ابن عباس: هذا إسناد رجاله ثقات. وصحح الحديث الألباني في ((صحيح الجامع)) (١٨٨٥).
(٤) ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) المناوي (١/ ٥٤٧).
(٥) ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) المباركفوري برقم (٢٠٤٩).
(٦) رواه الترمذي (٣٤٠٧)، والنسائي (١٣٠٤). وضعفه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (١٥٠١)، والألباني في ((ضعيف الجامع)) (١١٩٠).
(٧) ((فيض القدير)) المناوي (٢/ ١٦٥).
(٨) ((لسان العرب)) ابن منظور (١٢/ ٣٩٩).
(٩) ((تفسير الرازي)) (٤/ ٤٩).
(١٠) ((بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)) الفيروز آبادي (٥/ ٢٥٧).
(١١) ((صيد الخاطر)) ابن الجوزي (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>