للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير في قوله: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا (أي: في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم، أن ذلك لا يجدي عنهم شيئًا ولا ينفعهم عند الله، إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم، ثم ذكر المثل فقال: اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ أي: نبيين رسولين عندهما في صحبتها ليلا ونهارًا يؤاكلانهما ويضاجعانهما ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط فَخَانَتَاهُمَا أي: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدقاهما في الرسالة، فلم يُجْد ذلك كلَه شيئًا، ولا دفع عنهما محذورا؛ ولهذا قال: فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أي: لكفرهما، وَقِيلَ أي: للمرأتين: ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وليس المراد: فَخَانَتَاهُمَا في فاحشة، بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصوماتٌ عن الوقوع في الفاحشة؛ لحرمة الأنبياء) (١).

- وقال سبحانه: قال مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ [يوسف: ٥١ - ٥٢].

قال السعدي في قوله تعالى حكاية عن امرأة العزيز: ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ (يحتمل أن مرادها بذلك زوجها أي: ليعلم أني حين أقررت أني راودت يوسف، أني لم أخنه بالغيب، أي: لم يجر مني إلا مجرد المراودة، ولم أفسد عليه فراشه، ويحتمل أن المراد بذلك ليعلم يوسف حين أقررت أني أنا الذي راودته، وأنه صادق أني لم أخنه في حال غيبته عني. وَأَنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ فإن كل خائن، لا بد أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره) (٢).

ذم الخيانة والتحذير منها في السنة النبوية:

- عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) (٣).


(١) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (٨/ ١٧١).
(٢) ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: ٤٠٠).
(٣) رواه البخاري (٣٤)، ورواه مسلم (٥٨) بلفظ آخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>