للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عثيمين في قوله: ((إذا اؤتمن خان)): (إذا ائتمنه إنسان على شيء خانه فمثلا إذا أعطي وديعة وقيل له خذها احفظها، دراهم أو ساعة أو قلم أو متاع أو غير ذلك يكون فيها يستعملها لنفسه أو يتركها فلا يحفظها في مكانها أو يظفر بها من يتسلط عليه ويأخذها، المهم أنه لا يؤدي الأمانة فيها، كذلك إذا اؤتمن على حديث سري وقيل له: لا تخبر أحدا ذهب يخبر، قال لي فلان قال لي فلان، وبعض الناس والعياذ بالله يبتلى بحب الظهور والشهرة، إذا ائتمنه أحد من ولاة الأمور أو من كبراء القوم ووجهائهم ذهب يتحدث؛ قال لي الأمير كذا؛ قال لي الوزير كذا؛ قال لي الشيخ كذا؛ يتجمل عند الناس بأنه ممن يحادثه الكبراء والشرفاء وهذه من خيانة الأمانة والعياذ بالله، ومن ذلك أيضا الأمانات في الولايات يكون الإنسان وليا على يتيم على ماله وحضانته وتربيته فلا يقوم بالواجب؛ يهمل ماله وربما يستقرضه لنفسه ولا يدري هل يستطيع الوفاء فيما بعد أم لا؟ ولا يقربه بالتي هي أحسن، هذا أيضًا من خيانة الأمانة، ومن ذلك أيضًا أن الإنسان لا يقوم بواجب التربية في أهله وأولاده وقد ائتمنه الله) (١).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة)) (٢).

- وعن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) - قال عمران: لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد قرنين أو ثلاثة- قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن بعدكم قوما يخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن)) (٣).

قال النووي: (معنى الجمع في قوله يخونون ولا يؤتمنون أنهم يخونون خيانة ظاهرة بحيث لا يبقى معها ثقة بخلاف من خان حقيرا مرة فإنه لا يخرج به عن أن يكون مؤتمنا في بعض المواطن) (٤).

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار، ومن أفتى بفتيا بغير علم كان إثم ذلك على من أفتاه، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه)) (٥).

- وعن جابر- رضي الله عنه- قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا يتخونهم أو يلتمس عثراتهم)) (٦).

قال ابن بطال: (فبين النبي عليه السلام، بهذا اللفظ المعنى الذي من أجله نهى عن أن يطرق أهله ليلا. فإن قيل: وكيف يكون طروقه أهله ليلا سببا لتخونهم؟ قيل: معنى ذلك، والله أعلم، أن طروقه إياهم ليلا هو وقت خلوة وانقطاع مراقبة الناس بعضهم بعضا، فكان ذلك سببا لسوء ظن أهله به، وكأنه إنما قصدهم ليلا ليجدهم على ريبة حين توخى وقت غرتهم وغفلتهم. ومعنى الحديث النهي عن التجسس على أهله، ولا تحمله غيرته على تهمتها إذا لم يأنس منها إلا الخير) (٧).


(١) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (٦/ ١٦٤).
(٢) رواه أبو داود (١٥٤٧)، والنسائي (٨/ ٢٦٣)، وابن ماجه (٣٣٥٤)، وأبو يعلى (١١/ ٢٩٧) (٦٤١٢)، وابن حبان (٣/ ٣٠٤) (١٠٢٩). والحديث سكت عنه أبو داود، وصحح إسناده النووي في ((تحقيق رياض الصالحين)) (٤٧٢)، وقال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (٢/ ٣٣٨): في إسناده محمد بن عجلان وخرج له مسلم ثلاثة عشر حديثاً كلها في الشواهد، وحسنه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (٣/ ١٦٩)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٣) رواه البخاري (٢٦٥١). ومسلم (٢٥٣٥) واللفظ للبخاري.
(٤) ((عون المعبود)) (٩/ ١٨٧٥).
(٥) رواه أحمد (٢/ ٣٢١) (٨٢٤٩)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (٢٥٩)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (١١/ ٨٠) (٤٢٩٦). قال المزي في ((تهذيب الكمال)) (١٤/ ٣٥٥): [فيه] عمرو بن أبي نعيمة قال الدارقطني: مصري مجهول يترك وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (١٦/ ١١٨)، وضعفه الألباني في ((ضعيف الأدب المفرد)) (٤١)، وضعف إسناده شعيب الأرناؤوط في تحقيق ((مسند أحمد)).
(٦) رواه مسلم (٧١٥).
(٧) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (٧/ ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>