للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن خيار الناس في نظر الشرع هم الذين يألفون ويؤلفون، وخاصة حين يكونون في منصب أو مسؤولية، إذ قد ينزلقون إلى صور من الغلظة والجفوة حين يكونون مطلوبين لا طالبين (١).

- وقال صلى الله عليه وسلم: ((الناس معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) (٢).

قال القاري: (التعارف جريان المعرفة بين اثنين والتناكر ضده أي: فما تعرف بعضها من بعض قبل حلولها في الأبدان ((ائتلف)) ... أي: حصل بينهما الألفة والرأفة حال اجتماعهما بالأجساد في الدنيا ((وما تناكر منها)) أي: في عالم الأرواح ((اختلف)) أي: في عالم الأشباح، والإفراد والتذكير في الفعلين باعتبار لفظ ما، والمراد منه بطريق الإجمال والله أعلم بحقيقة الحال أن الأرواح البشرية التي هي النفوس الناطقة مجبولة على مراتب مختلفة وشواكل متباينة، وكل ما شاكل منها في عالم الأمر في شاكلته تعارفت في عالم الخلق وائتلفت واجتمعت، وكل ما كان على غير ذلك في عالم الأمر تناكرت في عالم الخلق فاختلفت وافترقت، فالمراد بالتعارف ما بينهما من التناسب والتشابه، وبالتناكر ما بينهما من التنافر والتباين، فتارة على وجه الكمال وتارة على وجه النقصان، إذ قد يوجد كل من التعارف والتناكر بأدنى مشاكلة بينهما إما ظاهرا وإما باطنا، وبحقيقة يطول وتخاف من إعراض الملول واعتراض الفضول) (٣).


(١) انظر ((هذه أخلاقنا)) لمحمود الخزندار (ص ١٩٥)
(٢) رواه مسلم (٢٦٣٨).
(٣) ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (٨/ ٣١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>