للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المناوي: (ثم غدر) أي: نقض العهد الذي عاهد عليه لأنه جعل الله كفيلاً له فيما لزمه من وفاء ما أعطى والكفيل خصم المكفول به للمكفول له (١).

وقال الصنعاني: فيه دلالة على شدة جرم من ذكر وأنه تعالى يخصمهم يوم القيامة نيابة عمن ظلموه، وقوله أعطى بي أي: حلف باسمي وعاهد أو أعطى الأمان باسمي وبما شرعته من ديني، وتحريم الغدر والنكث مجمع عليه (٢).

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به)) (٣).

قال ابن بطال: (دل أن الغدر حرام لجميع الناس برهم وفاجرهم؛ لأن الغدر ظلم، وظلم الفاجر حرام كظلم البر التقي. فإن قال قائل: فما وجه موافقة حديث ابن عباس للترجمة؟ قيل: وجه ذلك والله أعلم أن محارم الله عهود إلى عباده، فمن انتهك منها شيئاً لم يف بما عاهد الله عليه، ومن لم يف فهو من الغادرين، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة مَنَّ على أهلها كلهم مؤمنهم ومنافقهم، ومعلوم أنه كان فيهم منافقون، ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن مكة حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وأنه لا يحل قتال أحد فيها، وإذا كان هذا فلا يجوز الغدر ببر منهم ولا فاجر؛ إذ شمل جميعهم أمان النبي وعفوه عنهم) (٤).

- وعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكل غادر لواء عند إسته يوم القيامة)) (٥). وفي رواية: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة)) (٦).

قال النووي: وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر لاسيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين (٧).


(١) ((فيض القدير)) للمناوي (٣/ ٣١٥).
(٢) ((سبل السلام)) (٢/ ١١٦).
(٣) ((سبل السلام)) (٢/ ١١٦).
(٤) ((شرح صحيح البخاري)) (٥/ ٣٥١).
(٥) رواه مسلم (١٧٣٨) (١٥). والحديث روي بألفاظ مختلفة من حديث عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم.
(٦) رواه مسلم (١٧٣٨) (١٦). والحديث روي بألفاظ مختلفة من حديث عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم.
(٧) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) (١٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>