للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديث أبي مسعود: عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه ((وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين - حيث يطلع قرنا الشيطان - ربيعة ومضر)) (١) قال الخطابي: (إنما ذمهم لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه عن أمر دينهم وذلك يفضي إلى قسوة القلب) (٢).

قال ابن القيم: (متى رأيت القلب قد ترحل عنه حب الله والاستعداد للقائه وحل فيه حب المخلوق والرضا بالحياة الدنيا والطمأنينة بها فاعلم أنه قد خسف به) (٣).

وقال في موضع آخر: (شغلوا قلوبهم بالدنيا ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت في معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد إذا غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر ونقى من الدغل رأى العجائب وألهم الحكمة .. إذا زهدت القلوب في موائد الدنيا قعدت على موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة وإذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد) (٤).

٥ - طول الأمل والتمني:

قال المناوي: (طول الأمل غرور وخداع إذ لا ساعة من ساعات العمر إلا ويمكن فيها انقضاء الأجل فلا معنى لطول الأمل المورث قسوة القلب وتسليط الشيطان وربما جر إلى الطغيان) (٥).

٦ - التوسع المذموم في المباحات:

فإن قسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة الأكل والنوم والكلام والمخالطة.

قال أبو سعيد الخادمي: (وفي كثرة النوم ضياع العمر وفوت التهجد وبلادة الطبع وقسوة القلب، وفي كثرة الطعام - قسوة القلب) (٦).

قال الفضيل: (ثلاث خصال تقسي القلب: كثرة الأكل، وكثرة النوم، وكثرة الكلام).

قال أبو سليمان الداراني: (إنَّ النفس إذا جاعت وعطشت، صفا القلب ورقَّ، وإذا شبعت ورويت، عمي القلبُ) (٧).

٧ - كثرة مخالطة الناس في غير مصلحة:

قال العيني: (قوله لما نزل الحجر أي منازل ثمود قوله ويهريقوا أي ويريقوا من الإراقة والهاء زائدة وإنما أمرهم أن لا يشربوا من مائها خوفا أن يورثهم قسوة أو شيئا يضرهم) (٨). قال المناوي: (مخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات .. إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به) (٩).

٨ - عدم الرحمة بالخلق والإحسان إليهم:

عنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)) (١٠).

قال المناوي: (لأن الرحمة تتخطى إلى الإحسان إلى الغير وكل من رحمته رق قلبك له فأحسنت إليه ومن لم يعط حظه من الرحمة غلظ قلبه وصار فظا لا يرق لأحد ولا لنفسه فالشديد يشد على نفسه ويعسر ويضيق فهو من نفسه في تعب والخلق منه في نصب مكدوح الروح مظلم الصدر عابس الوجه منكر الطلعة ذاهبا بنفسه تيها وعظمة سمين الكلام عظيم النفاق قليل الذكر لله وللدار الآخرة فهو أهل لأن يسخط عليه ويغاضبه ليعاقبه) (١١).


(١) رواه البخاري (٥٣٠٣)، ومسلم (٥١).
(٢) ((فيض القدير)) للمناوي (٤/ ٦٠٧)
(٣) ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (٣/ ٧٤٣).
(٤) ((الفوائد)) لابن القيم (١/ ٩٨).
(٥) ((فيض القدير)) للمناوي (٥/ ٤١٧).
(٦) ((بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية)) لأبي سعيد الخادمى (٤/ ٩٧)، ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي.
(٧) ((الجوع)) لابن أبي الدنيا (١/ ١٨٨).
(٨) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعيني (١٥/ ٢٧٤).
(٩) ((فيض القدير)) للمناوي (٦/ ٥٢٥).
(١٠) رواه البخاري (٥٩٩٨).
(١١) ((فيض القدير)) للمناوي (١/ ٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>