للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوة قلبي. (قال: أدنه من الذكر) (١).

٤ - الإكثار من الاستغفار والتوبة:

قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: ٥٣].

عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: ((أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك)) (٢).

قال ابن رجب الحنبلي: (والمعنى: ما دام على هذا الحال كلَّما أذنب استغفر. والظاهر أنَّ مرادهُ الاستغفارُ المقرون بعدم الإصرار) (٣).

قال العظيم آبادي: (إن القلب إنما خلق لأن يتخشع لبارئه وينشرح لذلك الصدر ويقذف النور فيه فإذا لم يكن كذلك كان قاسيا فيجب أن يستعاذ منه قال تعالى فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) (٤).

٥ - تذكر الموت وزيارة القبور:

فعن أنس مرفوعاً ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجرا)) (٥).

عن سعيد بن جبير قال: (لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد علي قلبي) (٦).

كان سفيان الثوري: (لا يَنَامُ إِلَّا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ثُمَّ يَنْتَفِضُ فَزِعًا مَرْعُوبًا يُنَادِي: النَّارُ شَغَلَنِي ذِكْرُ النَّارِ عَنِ النَّوْمِ وَالشَّهَوَات) (٧).

قال المناوي: (من أعظم أدوية قسوة القلوب زيارة القبور وتأمل حال المقبور وما بعده من البعث والنشور الباعث على ذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات وكذا مشاهدة المحتضرين وتغسيل الموتى والصلاة على الجنائز فإن في ذلك موعظة بليغة) (٨).

٦ - مصاحبة الصالحين ومجالستهم وقراءة سير السلف الصالح:

قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: ٢٥].

وقال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف: ٦٧].


(١) ((اعتلال القلوب)) للخرائطي (ص٣٤).
(٢) رواه مسلم (٢٧٥٨).
(٣) ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحنبلي (٣/ ١١٦٥).
(٤) ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) للعظيم آبادي (٤/ ٢٨٥).
(٥) رواه أحمد (٣/ ٢٣٧) (١٣٥١٢)، وأبو يعلى (٦/ ٣٧٣) (٣٧٠٧)، والحاكم (١/ ٥٣٢) واللفظ له، والبيهقي (٤/ ٧٧) (٧٤٤٩). قال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (٥/ ٣٤٣): طريقه جيد، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٥/ ٦٩): فيه يحيى بن عبد الله الجابر وقد ضعفه الجمهور وقال أحمد لا بأس به، وبقية رجاله ثقات، وحسن إسناده الألباني في ((أحكام الجنائز)) (٢٢٨).
(٦) رواه أحمد في ((الزهد)) (ص ٣٧١)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (٤/ ٢٧٩).
(٧) ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) لأبي نعيم (٦/ ٧٠).
(٨) ((فيض القدير)) للمناوي (١/ ٦٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>