للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزعًا شديدًا، فكنت [٣ أ] آتي قبره في كل يوم؛ ثم إنّي قصَّرتُ عن ذلك (١) ما شاء الله، ثم إني أتَيتُه (٢) يومًا، فبينا أنا جالس عند القبر غلبتني عيناي، فنمتُ، فرأيت كأنَّ قبر أبي قد انفرج (٣)، وكأنه قاعد في قبره متوشِّحًا أكفانه، عليه سَحنةُ (٤) الموتى. قال: فكأني بكيتُ لما رأيته، قال: يا بُنَيَّ ما بَطَّأَ بك عنّي؟ قلت: وإنك لَتعلمُ بمجيئي؟ قال: ما جئتَ مرَّةً إلا علمتُها. وقد كنتَ تأتيني فأُسَرُّ (٥) بك، ويُسَرُّ مَن حولي بدعائك. قال: فكنت آتيه بعد ذلك كثيرًا (٦).

حدثني محمد، حدثني يحيى بن بِسطام، حدثني عثمان بن سَوْدَة (٧) الطُّفاوي ــ قال: وكانت أمُّه من العابدات، وكان يقالُ لها: راهبة ــ قال: لما احتُضِرتْ رفعَتْ رأسها إلى السماء فقالت: يا ذُخري وذخيرتي، ومَن عليه اعتمادي في حياتي وبعد موتي؛ لا تخذُلْني عند الموت، ولا تُوحِشني في قبري.

قال: فماتت، فكنت آتيها في كلِّ جمعة، فأدعو لها، وأستغفر لها ولأهل القبور. فرأيتها ذات يوم في منامي، فقلت لها (٨): يا أُمَّهْ كيف أنت؟ قالت:


(١) (ز): "عنه".
(٢) (ز): "ثم أتيته".
(٣) (ب): "انفتح".
(٤) (ط، ز): "سجية"، تصحيف.
(٥) (ب، ط): "فآنس". وأشير إلى هذه النسخة في طرّة (ق) أيضًا.
(٦) أخرجه البيهقي في الشعب (٦/ ٢٠٢). وابن رجب في الأهوال (٨٤) بهذا السند. وإلى ابن أبي الدنيا والبيهقي عزاه السيوطي في شرح الصدور (٣٠١).
(٧) (أ، غ): سُوَيد.
(٨) "لها" من (ب، ط، ج).