للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخلق كثير قد جاؤوني، فقلت (١): ما أنتم؟ وما حاجتُكم؟ قالوا: نحن أهل المقابر. قلت: ما حاجتكم؟ [٣ ب] قالوا: إنَّك عَوَّدتنا منك هديةً عند انصرافك إلى أهلك. قلت: وما هي؟ قالوا: الدعواتُ التي كنت تدعو بها. قال: قلت: فإنّي أعود لذلك. قال: فما تركتُها بعد (٢).

حدثني محمد، حدثني أحمد بن سهل، حدثني رِشْدين بن سعد (٣)، عن رجل، عن يزيد بن أبي حبيب، أن سُلَيم بن عُمَير (٤) مرَّ على مقبرة، وهو حاقن قد غلبه البول، فقال له بعضُ أصحابه: لو نزلتَ إلى هذه المقابر، فبُلتَ في بعض حُفَرها! فبكى، ثم قال: سبحان الله! والله إنّي لأستحيي من الأموات، كما أستحيي من الأحياء (٥).

ولولا أن ا لميت يشعر بذلك لما استَحْيا منه.

وأبلغُ من ذلك أنَّ الميِّت يعلم بعمل الحيِّ من أقاربه وإخوانه.

قال عبد الله بن المبارك: حدثني ثور بن يزيد، عن أبي رُهْم (٦)، عن أبي


(١) (ب، ق، ج، ز): "قلت".
(٢) أخرجه البيهقي في الشعب (٧/ ١٧) عن طريق ابن أبي الدنيا. وأورده عنه ابن رجب في الأهوال (١٢٥). وعنه وعن البيهقي: السيوطي في شرح الصدور (٣٠٠).
(٣) (ز): "رشيد بن سعيد"، تحريف.
(٤) في (ب): "عتر". وفي (ز): "عمر". وكلاهما تحريف.
(٥) عزاه السيوطي في شرح الصدور (٣٨٨) إلى كتاب القبور.
(٦) في جميع النسخ: "إبراهيم". وهو تحريف. صوابه ما أثبتنا من الزهد وغيره. وهو أبو رُهم السماعي يروي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. وانظر ما يأتي في (ص ٣٥).